الأحلام المزعجة: هل هي دليل على تجدد السحر بعد الشفاء منه؟
2025-12-03 00:59:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله أنعم الله عليّ بالشفاء من السحر والمسّ العاشق، لكن في هذه الفترة أشعر بتحرّشات خفيفة وأحلام عن الحيوانات، ومع ذلك أشعر بهدوء نفسي واستقرار ديني، فهل هذا من علامات بقاء المسّ، أم يمكن أن يكون قد عاد مرة أخرى؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يتمّ عليك نعمه، ويزيدك طمأنينة وثباتًا، ويشفيك شفاءً لا يغادر سقمًا، وردًّا على استشارتك أقول مستعينًا بالله تعالى:
سأردّ عليك ردًا شاملًا يشمل الجانب الشرعي، والنفسي، والتربوي، لعله يكون ردًا وافيًا شافيًا بإذن الله تعالى.
أولًا: تشخيص الحالة من الناحية الشرعية:
• ما ذكرته من أنك لا زلت تشعرين بتحرشات خفيفة، وأحلام بحيوانات قد يُستدل به على أن المس ما زال موجودًا، أو أنه عاد لكنه بشكل أخف، ومثل هذه الحالات تحصل كي يتوهم الإنسان أنه زال منه ما كان يعاني منه، غير أن الأصل بعد العلاج والرقية هو زوال كل الأعراض التي كنتِ تعانين منها، وعدم عودتها بأي شكل كان، وإن كنتِ قد التزمتِ بالرقية الشرعية وداومتِ عليها واستقرت حالتك، فهذا -بإجماع أهل الرقية الشرعية- دليل على أن المس قد زال، ولكن ذلك مشروط بزوال الأعراض السابقة.
• الذي يُفترض بعد زوال الأعراض؛ هو الاستمرار في التحصن بالأذكار والأدعية وعدم تركها؛ لأن مثل هذه الحالات يحصل فيها تجديد للسحر، فأي غفلة عن الذكر يتمكن الساحر من إرسال الجن كي يتلبسوا، أو أن الجن يظلون يتربصون بالشخص؛ فإن وجدوه قد غفل دخلوا فيه مرة أخرى.
• قد يكون ما هو حاصل الآن عبارة عن تفاعلات مع الخوف السابق أو بقاء التأثير النفسي؛ لذلك ننصحك بنسيان أو تناسي الماضي؛ لأنه بسبب القلق والخوف يأتي الشيطان بالأحلام المزعجة من باب التخويف، والمهم هو الاستمرار بالأذكار والأدعية صباحًا ومساءً بانتظام، هذا من جهة، إضافة إلى رقية نفسك بنفسك، والحذر من الخوف، فأنتِ أقوى من الجن والشياطين، وكثرة الخوف تجعل لهم عليك سبيلًا.
• عليك أن تستمري بما ذكرته سابقًا لمدة شهر على أقل تقدير، مع المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والإكثار من نوافل الصلاة والصيام؛ فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة، كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، لكن إن بقيت هذه الأحلام والتحرشات؛ فعليك أن تعاودي الرقية من جديد.
• ما تجدينه من الهدوء النفسي؛ قد يُستدل به على أنك بخير، فذلك من علامات الشفاء، إضافة إلى بقية العلامات وهي: تحسن العبادة، وزوال ضيق الصدر، وحدوث استقرار في النوم، واختفاء الخوف والاضطراب، فإن كانت هذه العلامات متوفرة عندك فأنت بخير، فاحمدي الله وكوني قوية.
• من علامات بقاء المس أو تجدده: الضيق الشديد، وحصول الخوف بدون سبب، واضطراب وتثاقل في أداء الصلاة، والنفور من تلاوة القرآن، والتفكير المشوش، والعصبية، وحدوث اضطراب نفسي، وأنتِ لا تشعرين بشيء من ذلك، بل العكس هو ما ذكرتِه في استشارتك من أنك تشعرين بالطمأنينة.
ثانيًا: الجانب النفسي:
• حدوث مثل هذه الأحاسيس بعد الشفاء -من السحر أو المس- هو غالبًا عبارة عن انسحاب لما مررتِ به، فمن خلال الواقع، فإن من أُصيب بالمس يشعر بأمور منها: بقايا الخوف القديمة، فقد يشعر الإنسان بما يشبه اللمسات أو أشياء خفيفة، وهي ليست حقيقية، بل انعكاس للخوف القديم.
• العقل الباطن لا يزال متخوفًا من توقع الأذى، وهذه مثل من شُفي من مرض عضوي لكنه ما زال يشعر بوخزات بين فترة وأخرى، وهذا ليس لأن المرض رجع، بل لأن الجسم يتخلص من آثاره.
• الشيطان يحاول تخويفك فقط، وصدق الله إذ يقول: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾، أي: يخوّف المؤمن بوساوس وأوهام، وليس فعلًا حقيقيًا.
ثالثًا: الجانب التربوي وكيف تتعاملين مع هذه العلامات؟
• لا تسترسلي مع الخوف؛ فإذا تجاهلتِ هذه الأحاسيس ستختفي بإذن الله.
• داومي على التحصين اليومي كما سبق: بأذكار الصباح والمساء، ومن ذلك أذكار الأكل والشرب والنوم، ودخول الخلاء والخروج منه، وأذكار الخروج من البيت والدخول إليه، ويمكنك الاستعانة بكتاب حصن المسلم للقحطاني.
• احرصي على تشغيل سورة البقرة في البيت كل ثلاثة أيام، فقد ثبت في الحديث الصحيح: "إن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة" (أي: السحرة).
• تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى مع تحري أوقات الاستجابة، ومنها الثلث الأخير من الليل وأثناء السجود، وسلي ربك أن يزيل عنك الهم والغم، وأن يقيك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفثه.
رابعًا: هل يمكن أن يعود المس؟
من الناحية الشرعية والعلمية: لا يعود إلا إذا فتح الإنسان الباب له، وذلك كأن:
• يترك التحصين تمامًا.
• أو يرتكب المحرمات.
• أو يلجأ للتعامل مع السحرة أو الكهنة بحجة أنهم يصرفون الجن والسحر، فلا يزيدونه إلا رهقًا.
• أو يترك الصلاة أو يضعف في أدائها ويتقطع.
• أو ينقطع عن الأذكار.
• أو يحصل ضعف شديد في الصلاة والانقطاع عن الذكر.
نسأل الله تعالى أن يشفيك، وأن يوفقك للعمل بما ذكرناه لك، وأن يسمعنا عنك خيرًا، ونسعد بتواصلك.