الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبالنسبة للمخاوف التي لدى ابنك الذي يبلغ من العمر ست سنوات ونصف تعتبر معروفة، فالمخاوف لدى الأطفال خاصة الخوف من الحشرات والحيوانات والظلام هي من المخاوف المعروفة جدّاً، وتختفي هذه المخاوف لديهم بمرور العمر، والطفل يكتسب من محيطه الكثير خاصة فيما يخص تنمية عواطفه وقبوله للآخرين ودرجة الطمأنينة التي تبنى في داخله تكون هي استجابة مباشرة لما يتلقاه من استشعارات واستجابات من محيطه.
فالخوف من الحيوانات والحشرات والظلام – كما قلت لك – قد يكون طبيعيّاً ولكن أحياناً يدعم هذا الخوف نسبة لسلوك الكبار نحو الطفل، فكثير من الأطفال يخوَّفون بالحشرات وبالحيوانات وبالظلام، وأنا لا أقول: إن طفلك قد كان عرضة لذلك ولكن ربما يكون لاحظ شيئاً من هذا، حتى وإن لم يكن موجهاً بصورة مباشرة له؛ لأن واحدة من نظريات المخاوف هي التعلم عن طريق الملاحظة، فالمخاوف إما تُنشأ من تجربة داخلية شخصية أو عن طريق التعلم بملاحظة الآخرين، وهذا ينطبق على الصغار والكبار.
والمخاوف بصفة عامة تعالج بأن يعرض الإنسان لمصدر خوفه، وقد لا يكون ذلك من الضروري في حالة الأطفال وربما يكون المنهج الأفضل هو أن نبني نوعاً من الحيادية في مشاعر الطفل حول الخوف والمخاوف، وهذه الحيادية تتأتى بالشرح البسيط، فنشرح له شرحاً بسيطاً عن الحشرات والحيوانات، ويمكن أن نعرض له بعض الصور لهذه الحشرات والحيوانات، ويمكن أن نعرض لهم بعض الصور لبعض الحيوانات، مثلاً اهتمام الحيوان بصغيره وهذا سوف يقرب إلى ذهن الطفل أن الحيوانات أيضاً فيها عوامل الرحمة والرأفة، ولا مانع أن تكون هناك نوع من الألعاب المتعلقة بالحيوانات والحشرات أو حتى بعض الأفلام البسيطة، فهذا نوع من التعرض ولكنه التعرض المحبب، أي لا نجعله ينغمس انغماساً شديداً وحادّاً في فكرة أن هذه الحيوانات مضرة وسوف تكون مصدر أذىً له، ونحاول أن نتكلم عن محاسنها وفائدتها للإنسان وكيف أنها تهتم بصغارها مثل ما يهتم الإنسان بالأطفال.
وبالنسبة للخوف من اليهود، فلا شك أن مشاهدته لما يحدث في التلفزيون مما يقوم به اليهود من أعمال شنيعة تبني الخوف في نفس الطفل، ولكن يمكن أن يشرح له بصورة بسيطة عن من هم اليهود وأن النصر آتٍ للمسلمين إن شاء الله وأن هؤلاء أضعف من المسلمين، وأن تحبب له هذه الصور وتقرب إلى خياله دون أن يكثر من الكلام في الموضوع، أي لا تخوضوا في هذه المواضيع بكثرة، ويكون هناك نوع من الاطمئنان المعقول وأن لا يخاض في قضايا الخوف بدرجة كبيرة.
والجزء المهم جدّاً هو أن ينقل الطفل إلى حياة الطفولة، وينقل إلى اللعب وإلى الاستمتاع بوقته وأن يبدأ في استذكار دروسه، وأن تنمَّى شخصيته بأن يكون له بعض الاعتمادية، وحقيقة أسفت جدّاً حين عرفت أن هذا الطفل لا زال لا يذهب إلى الحمام وحده وأن يستعمل (Pot)، فهذا أمر بسيط جدّاً وهو تدريبه عليه بالترغيب ويكافأ حين يذهب للحمام، وطريقة النجوم هي طريقة فعالة، يعطى له نجوماً وتثبت في غرفته فوق سريره وبعد ذلك تستبدل هذه النجوم بأي شيء محبب له، هذا الأمر ليس صعباً، ولكنه يتطلب مثابرة وصبراً من جانبك ومن جانب والدته.
وكما ذكرت لك تنمية شخصية الطفل تنقله بصورة مباشرة وغير مباشرة من عالم المخاوف، وهذه التنمية في شخصيته تبدأ غالباً من اهتمامه بنظافة أسنانه وترتيب شعره وأن يعلم كيف يرتب ملابسه في الدولاب، وأن يجيب على التليفون... وهكذا، ودائماً يكون الشعار هو المكافأة والمكافأة بالكلمة الطيبة، فهذه المكافأة لا شك أنها تنمي مقدرات الطفل وسوف تصرف تفكيره تماماً عن المخاوف.
والشيء الآخر أتمنى أن يجد هذا الطفل فرصة للتفاعل مع الآخرين من أقرانه، فهذه أيضاً مهمة فكما ذكرنا سابقاً أن الطفل يتعلم دائماً من الأطفال الذين هم في سنه، وأرجو أن يركز على ذلك بصفة أساسية وخاصة ابنك والحمد لله له مقدرات وهو محبوب، وهذه الخصال جميلة وحميدة جدّاً، ومن الواضح أنه يتمتع بقدر جيد جدّاً من الذكاء.
وخلاصة الأمر يجب أن تكون هناك نوع من التهدئة في التعامل مع الموضوع، ولا يكون شغلاً شاغلاً لكم وللطفل ذاته، فاصرف تفكير الطفل وانتباهه إلى أشياء أخرى مع التوجيه البسيط، وصدقني أن المخاوف تنتهي، خاصة مخاوف الطفولة تنتهي، وأفضل طريقة لأن تنتهي هي أن نحبب الطفل لمصدر خوفه وليس من الضروري أن نعرضه في أول الأمر أو أن نضعه في موقف مواجهة مع مصادر المخاوف، بل أولاً أن نحبب إليه مصدر الخوف وذلك بالشرح البسيط كما ذكرت، ثم بعد ذلك نركز على تنمية مقدرات الطفل وشخصيته وأن نصرف انتباهه إلى مهارات جديدة وفعاليات جديدة في حياته.
أسأل الله أن يحفظه، وحقيقة أنا لست منزعجاً؛ لأني أعرف تماماً أن هذه مرحلة قد تكون عادية جدّاً في الطفولة.
وننصحك بالاطلاع على الاستشارة رقم: (
266335) ففيها فائدة كبيرة.
وبالله التوفيق.