تعامل الزوجة مع نفور الزوج من مزاح أمها
2008-05-19 09:26:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخوة الأفاضل أشكر لكم هذه الخدمة التي تساعد الكثير من الناس.
أما بعد:
مشكلتي تتلخص في العلاقة بين أمي وخطيبي إنها تحبه كولدها، وتثق به، وهو شخص حساس جداً، والخلاف هو طريقة تعاملها معه، فإن أمي من النوعية التي يمكن أن تقول الكلام، ولا تلقي له بالاً على أنه هزار - مزاح - وقد تكرر الخلاف بينهم نتيجة هذا الأسلوب الذي تعتبره أمي دعابة، ويعتبره خطيبي إهانة، ومنذ فترة بسيطة مرضت وجاء هو مع أمه وأخته لرؤيتي، وكانت أمي على نفس أسلوبها معه، بل زاد الأمر على سبيل المثال، قالت له: (لن يهمني وجود أمك سوف أقلب عليك الترابيزة) على سبيل الدعابة من وجهة نظرها، وهذا كلام لا يجوز، خاصة في حضور أمه، وكان حديثها على هذا النمط حتى انتهت الزيارة، وبعدها تحدث معي وهو غاضب من أسلوب أمي، واتهمني بأني سلبية لا أدافع عنه، وقرر أنه لن يدخل البيت مرة أخرى، ولا أدري ماذا أفعل؟!
كما أنه قال: إنها إذا اتصلت به لن يرد عليها؛ لأن هذا الموقف تكرر، وهي تعلم أن هذا الكلام سيضايقه، أشعر بأني في طريق مسدود.
المشكلة أنه كان من المفروض أن زواجي قرب بعد تأجيله أكثر من مرة، وهو الآن يرى تأجيله ثانية؛ لأنه لا يشعر بالأمان، فإن كانت معاملتها له الآن على هذا النحو فكيف بها بعد الزواج، كما أنه يتهمها بأنها تسلطني عليه، وهو خائف من هذا أيضاً.
شاركوني الرأي أرجوكم، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ B حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يُصلح ما بين أمك وخطيبك، وأن يصرف عنها هذا الهزار الزائد، وأن يشرح صدر خاطبك لقبول هذا التصرف، وأن يجمعكما عاجلاً غير آجل على خير، وأن يُنزل عليكم المودة السكينة والرحمة، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك فالحقيقة إنها مشكلة أنت لست طرفاً فيها، ولا دخل لك فيها أيضاً؛ ولذلك كونه يحمِّلك المسئولية فهذا نوع من عدم الإنصاف؛ لأن العادة جرت - باعتبار أننا من المسلمين - أن نتعامل مع الأم بحذر شديد؛ لأن الله تبارك وتعالى أوصى بها خيراً والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها ثلاث مرات، فلها ثلثي البر؛ ولذلك (( فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ))[الإسراء:23]^ حتى وإن أساءا؛ لأن هذه الوصية إنما يتأكد وجوبها عند تقدم سِنِّهما، وعند ضعف بدنهما، خاصة لأنهما يكونان في أمس الحاجة إلى الرعاية ومراعاة المشاعر، أما وفي حالة القوة والعزة والقدرة على الحياة والحركة والنشاط فإنهما غالباً لا يحتاجان ذلك لأنهما يستطيعان أن يأخذا حقهما بنفسهما، كلما تقدمت السن بالأم أو الأب كلما كان لزاماً علينا أن نُحسن المعاملة وأن نصبر الصبر الجميل، إلا أننا في جميع الأحوال مطالبون بحسن المعاشرة وحسن المعاملة، والصبر على الأذى؛ لأن هذا مقام الأبوة الذي جعله الله في المرتبة الثانية بعد مقام التوحيد الألوهية؛ ولذلك أقول:
إنه لا دخل لك في ذلك، وإن كنتُ أرى أيضاً أنه لا مانع من تنبيه الوالدة - بارك الله فيك - ولعل هذا دورٌ تقومين به فيصلح الله ما بين أمك وما بين زوجك وخطيبك، تقولين لها: إن فلاناً يتضايق من هذا الأسلوب لأنه لم يتعود عليه ولم يألفه في أسرته؛ ولذلك هو متحرج منك، وهذا يؤدي دائماً إلى الخلاف بينكما، فأنا أسألك بالله وأرجوك أمي ألا تتعاملي معه بهذه الطريقة.
انصحيها قدر استطاعتك واجتهدي في ذلك، وبيِّني لها أنه ليس كل إنسان يقبل المزاح حتى الأشخاص العاديون ليس كل إنسان أستطيع أن أتكلم معه بحرية، وأيضاً ليس كل إنسان أستطيع أن أمد يدي على جسده لأداعب أي جزء من أجزائه، فإن هذه أمور لابد فيها من توافق الطرفين وتعودهما على ذلك، أما إنه أحياناً حتى مع الصداقات العادية يكون هناك بعض الشباب أو بعض النساء من لا يرغب أن يصل ذلك إلى وضع اليد على الجسد وإنما يكتفي بالكلام، وأحياناً كلام معين أيضاً، ولا يود التوسع في الكلام، وهذه طباع وعادات اكتسبها هؤلاء من أُسرهم ومن موروثاتهم التي جُبلوا عليها من عند الله تبارك وتعالى؛ ولذلك أتمنى نصيحة لأمك أن تجتهدي في ذلك، وأن تذكريها دائماً بأن هذا الرجل ليس من هذا النوع وأن هذه طبيعته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح ذات بينهما.
أيضاً نصيحة لخطيبك بأن تبيني له أن هذه كأمه بل هي أمه فعلاً لأنه بعقده عليك العقد الشرعي أصبح يحرم عليه أن يتزوجها حتى ولو بعد الطلاق - لا قدر الله - وهذه طبيعتها، وهكذا نشأت وتربت على هذه الصفات؛ ولذلك من الصعب تغييرها، فتوصيه بالصبر الجميل، وتقولين له: لو أن أمك بهذه الصفة فماذا أنت فاعل، هذه أمي وأنا ابنتها، ولا أستطيع أن أفعل معها أكثر من النصح والتذكير قدر استطاعتي، وثق وتأكد بأني أفعل ذلك، وأنا أتمنى أن تفعلي ذلك فعلاً وستحل المشكلة.
ولكن لابد أن يقدرك أيضاً، وقولي له: إن إطالة فترة الخطبة سيؤدي إلى مزيد من المشاكل، وإن من الأفضل أن نعجل بالزواج حتى نعيش وحدنا، فإذا ما جاءت أمي إلى بيتنا فستكون ضيفة ومن عادة الضيف أن يتصرف في بيوت من هو في ضيافتهم بنوع من الوقار ومراعاة المشاعر، حتى وإن جاءتكم فهي ستأتي في صورة ضيفة ولن تطيل؛ لأن ظروف الحياة لا تسمح بالمكث الطويل، وبذلك تنتهي هذه المشاكل - بإذن الله تعالى - كلياً أو جزئياً، ولذلك عدم شعوره بالأمان أو الخوف – كما ذكر – ليس له مبرر، بل إن الحل الأمثل – وأتمنى أن تُطلعيه على هذا الكلام – أن يُعجل بالزواج؛ لأن هذه العيوب ليست بعيوب تُرفض المرأة بسببها، وأمك ليست - والعياذ بالله – سيئة السمعة أو شاذة في تصرفاتها، وإنما في بعض العائلات والأسر درجت على هذا النوع من الحياة: المزح البريء، والضحك والمداعبة، وبيوت كثيرة جدّاً - عندنا في مصر – تفعل ذلك باستمرار وتلك عادتها، حتى أصبح الناس يحارون هل هم يمزحون أم يتكلمون بجد وصدق.
هذه طبيعة المجتمعات نُشئت ونشأت على هذه الكيفية، ولذلك أقول: إن خير علاج التعجيل بالزواج حتى تنتقلا معاً إلى بيت واحد وتعيشا في مكان واحد، وترتبا حياتكما بالطريقة التي تريدان، خاصة وأنكما – ولله الحمد – بينكما جو عظيم من التفاهم وهذا كفيل - بإذن الله تعالى – بأن يحدَّ من هذه المشاكل أو يقضي عليها.
أتمنى أن يتسع صدره لقبول هذه النصيحة، وأنا أقول له: أخي الكريم!عجل بالدخول على أهلك، وخذ امرأتك من بيت أهلها، وعش وحدك معها بعيداً عن أمها؛ لأن أمها إن جاءتك فستأتيك قليلاً وبذلك سوف تستريح من هذا الأسلوب، وإطالة الأمد وعدم الدخول سيؤدي إلى مزيد من المشاكل؛ لأن الأم فيما فهمتُ تتعامل بطريقة عفوية وطريقة تلقائية كحال كثير من الناس الذين لا يُلقون بالاً للآثار المترتبة على تصرفاتهم.
أتمنى أن تُعجل بالدخول، وأتمنى أن تنصحيه أنت بذلك، وأن تُلحي عليه، كما أتمنى أيضاً ألا تنسي دورك في نصح أمك وتذكيرها، عسى الله تبارك وتعالى أن يُذهب عنكم هذا الخلاف وهذا الشقاق وسوء الفهم، وأن يجعل حياتكم حياة طيبة سعيدة مباركة، وعليك بالدعاء لأمك، وعليك بالدعاء لزوجك، وعليك بالدعاء لنفسك، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، واعلمي أن الدعاء ينفع مما نزل من البلاء وينفع حتى من البلاء الذي سيأتي في المستقبل، فعليك بالدعاء كما أوصاك الحبيب عليه الصلاة والسلام واجتهدوا في الدخول مبكراً في أسرع وقت حتى يتم القضاء على تلك المشكلة.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق، والله الموفق.