التوسط بين التفريط والإفراط في العبادة
2008-07-10 09:55:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 19 عاماً، لا أريد أن أفرّط في عبادة الله كما لا أريد الإفراط في عبادته حتى لا تمل نفسي، فكيف أحقق ذلك؟ وما هو واجبي كشاب مسلم تجاه الإسلام؟!
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالنور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أسعدني هذا السؤال وأفرحني كونه من شاب، فشكراً لك على ذلك، وإليك منا التهنئة والبشرى، وأرجو أن تكون ممن يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (وشاب نشأ في عبادة الله)، وقد أحسنت وإنما شفاء العي السؤال.
ولا يخفى على الفضلاء من أمثالك أن رسولنا صلى الله عليه وسلم دلنا وأرشدنا فقال: (عليكم من الأعمال ما تطيقون فإنه الله لا يمل حتى تملوا)، وحذر من يبالغ في الطاعات بالانقطاع عن الخيرات فقال: (فإن المنبتَّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى)، والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع، وكان عمل النبي صلى الله عليه وسلم ديمة، وكان إذا عمل شيئاً من الخير أثبته.
وقد حرص عليه الصلاة والسلام على إيقاف تلك النماذج التي أرادت أن تكلف النفوس بما لم يشرعه ربنا القدوس، كما حصل في حديث الرهط الذين سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عبادته، فلما أخبروا بها فكأنما تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: وأما أنا فلا أتزوج النساء، بل فكر بعضهم في الخصاء، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بخبرهم قال لهم: (أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء،فمن رغب عن سنتي فليس مني).
وقريب من هذا ما حصل مع عبد الله بن عمرو بن العاص حين شكاه والده للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره بأن يقرأ القرآن في شهر، حتى وصل معه إلى ثلاثة أيام، وأمره أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول في آخر عمره: (ليتني أخذت برخصة النبي صلى الله عليه وسلم)، وذلك لأن الإنسان يعتريه الضعف عند الكبر وتمر عليه بعض الظروف والأحوال.
وأرجو أن يعلم الجميع أن أفضل الأعمال هو ما دام عليه صاحبه وإن كان قليلاً، وعليه فإنك مطالب بأن تؤدي الفرائض كاملة ثم بعد ذلك تعود نفسك على ورد معقول من النوافل كصيام الاثنين والخميس والأيام البيض، ونوِّع من الطاعات والأذكار والصدقات، وأرجو أن نكون جميعاً ممن يدعى من أبواب الجنة الثمانية.
ولا يخفى عليك أن الإنسان مطالب بأن يتجنب المنكرات جملة واحدة وأن يفعل من الطاعات ما يستطيع بعد الفرائض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم).
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.