أثر الاضطرابات النفسية على حياة الولد
2008-11-01 22:31:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ولكم الشكر على مجهوداتكم.
لي ولدٌ عمره (14) سنة، كثير الحركة ولا يهتم بدروسه، وأثناء إنجازه لواجباته يشرد بخياله فأكون مضطرة للجلوس أمامه حتى ينتهي.
مولع بأغاني الراب المصحوبة برقصها الغريب، وجميع العائلة لا توافقه في ذوقه، مع أني أحاول تصريف ميوله نحو الإنشاد الإسلامي، وهو لا زال يتبول في الفراش، ولا يسمع الكلام، مع أنه حنون وذكي لكنه غير منظم، ولا يهتم بقيمة الوقت، ومستهتر... أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم خليل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا الابن -حفظه الله- من الواضح أنه يُعاني من اضطرابات نسميها بـ(الاضطرابات الوجدانية النفسية)، أي: أن هذا الطفل يفتقد الاستقرار النفسي، وعدم الاستقرار النفسي في هذه المرحلة تلعب التغيرات الهرمونية فيه دوراً، وكذلك التغيرات النفسية والبيولوجية والاجتماعية، وحقيقةً هذا الطفل محتاج حاجة ماسة لأن تطبق عليه ضوابط التربية المعروفة..التربية السوية..التربية المنضبطة.
أنا لا أوجه أي لوم بالطبع لكم كأسرة، ولكن يظهر أن الأمر كان فيه شيء من التساهل أولاً، ووجود التبول اللاإرادي في هذا العمر حقيقة هو دليل على شدة هذا الاضطراب.
أولاً: الذي أنصح به هو أن تكون هنالك جلسات مع هذا الابن، جلسات فيها شيء من المودة وأن يُشرح له بلغةٍ مبسطة ما هو سيئ وما هو طيب، تُشرح له ضرورة الانضباط بالسلوك الحسن، وضرورة أن يبتعد عن هذه الأغاني؛ لأن هذه الأغاني هي مدخل من مداخل الانحراف.
هذا الابن يفهم وهذا الابن يستوعب وهذا الابن يمكن أن يُشرح له، ولا شك أن هذا يتطلب وقتاً ويتطلب صبراً.
ثانياً: يجب أن نوفر له القدوة الحسنة، والقدوة الحسنة هو أن ندفعه وأن نشجعه وأن نجعله يختلط بأقرانه من ذوي السلوك المنضبط ومن ذوي التربية الإسلامية الصحيحة، من الذين يهتمون بدروسهم..هذا مهم جدّاً، فالطفل يتعلم من الطفل خاصة في هذه السن.
ثالثاً: أرجو أن يُشجع على ممارسة الرياضة مثل لعب كرة القدم، فهي حقيقة مفيدة جدّاً له وتمتص الكثير من طاقات الغضب ومن طاقات الاضطراب الوجداني.
رابعاً: مساعدته في وضع جدول زمني لنجعله يدير وقته بصورة صحيحة، ولابد أن يكون هنالك نوع من الحوافز لكل عمل إيجابي يقوم به، وهذه الحوافز تكون بالكلمة الطيبة وبالتشجيع وبالهدايا البسيطة.
هذه هي الطرق المثلى، ولابد أن يصطحبه والده معه إلى المسجد، ويا حبذا أيضاً لو انضم لأحد مراكز تحفيظ القرآن في المسجد، فهذه -إن شاء الله تعالى– تنقله إلى بيئةٍ صالحة وبيئةٍ مخالفة لما هو فيه الآن.
حاولوا أيضاً أن تشعروه بأهميته في الأسرة، فيجب أن يُستشار في أمور الأسرة ونجعله يكون له رأيه ويكون له كينونته، وهذا - إن شاء الله تعالى – يساعده كثيراً.
يأتي بعد ذلك التحدث معه في موضوع التبول على الفراش، فيجب ألا ينتقد انتقاداً لاذعاً، ولكن يجب أن يُوبخ على ذلك، وأن يُشرح له أن الإنسان في هذه السن يجب أن يتحكم في مخارجه تحكماً كاملاً، وأرجو أن يُنصح بألا يتناول أي مشروبات من المدرات بعد الساعة السادسة مساءً، وعليه أن يمسك أو يحصر البول في النهار؛ لأن ذلك يعطي للمثانة فرصة للاتساع، وحين يذهب إلى الحمام لقضاء الحاجة فلابد أن يجلس بعد انقطاع البول لمدة دقيقة إلى دقيقتين، ويحاول أن يدفع بقايا البول الموجودة في المثانة.
هذا ضروري جدّاً؛ لأنه اتضح أن كثيراً من الأولاد الذكور خاصة حين يذهبون لقضاء حاجتهم يكون الواحد منهم مشغولاً بأمرٍ ما ويريد أن يقضي حاجته ويقوم قبل أن ينقطع البول الانقطاع التام، أو تكون هناك بقايا بول في المثانة، قدرها بعض الباحثين بأن ثلث البول يكون لا زال موجوداً بالمثانة، وهذا يجعل عضلات المثانة تكون أكثر كسلاً مما ينتج عنه هذا التبول اللاإرادي.
يبقى بعد ذلك العلاج الدوائي، وسوف أصف له علاجاً ممتازاً يساعده -إن شاء الله تعالى– في تحسين التركيز ويجعله أكثر قبولاً للتوجيه، وفي نفس الوقت يساعده على انقطاع التبول اللاإرادي أيضاً، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (تفرانيل Tofranil) ويسمى علمياً باسم (أمبرمين Imipramine)، فأرجو أن يبدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مل جراماً ليلاً لمدة شهر، وبعد ذلك ترفع الجرعة بمعدل عشرة ملي جرام لتصبح خمسة وثلاثين مل جراماً ليلاً، ويستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تُخفض إلى خمسة وعشرين مل جراماً ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى عشرة مل جرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتوقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء هو من الأدوية الجيدة ومن الأدوية السليمة، والتي تُساعد كثيراً في علاج مثل هذه الحالات، ولكن لابد من التطبيقات السلوكية السالفة الذكر، وإذا طبقت بصورة صحيحة مع تناول الدواء سوف يساعد هذا الابن كثيراً.
أسأل الله له العافية، وبالله التوفيق.