كيفية تخلص المرأة من الغضب وآثاره السيئة
2008-12-09 23:18:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عندي مشكلة وهي أني برغم هدوئي الشديد فأنا سهلة الغضب، وعندما يحدث هذا أذهب إلى سريري وأفقد القدرة والرغبة في عمل أي شيء، وأحاول أن أقول أن ما أغضبني تافه، وهو بالفعل كذلك.
هذه المشكلة تجعلني لا أفعل ما أحب أو حتى أعتني بطفلي الوحيد الذي أحبه، أنا انطوائية جداً، أعيش مع أهلي بسبب سفر زوجي، وهم يحاولون أن يلبوا جميع طلباتي، ولكن شديدة الشجار مع أمي بسبب نقدي لها، أشعر أن خروجي للعمل سيحل المشكلة، ولكن زوجي يرفض بسبب أن طفلي عمره 7 أشهر، وبسبب غيرته، كنت أعمل سابقاً وأخذت إجازة، هذه المشكلة قديمة قبل زواجي، أريد أن أتغير وأستمتع بحياتي، فهل أنا بحاجة إلى طبيب؟
برغم صعوبة هذا للحرج من الذهاب أريد أن أساعد نفسي بدون ذلك.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرفت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
فإن هذا الهدوء الذي تتمتعين به هو نعمة كبيرة في نظري، وسهولة الغضب تتأتى من أن الشخص الكثير الهدوء في بعض الأحيان يسكت عن أشياء تكون غير مرضية له، وقد تكون هذه الأشياء بسيطة، كلمات يسمعها من هنا وهناك، بعضها مقبول وبعضها غير مقبول، وقد يكون جارحاً، والشخص الهادي بطبيعته وفطرته يتجنب المشاحنات والنقاش الحاد مع بقية الناس، وهذا التجنب يؤدي إلى تراكم الأشياء والكلمات غير المرضية التي تسمعينها من الآخرين، أو حتى بعض أفعالهم أيضاً قد لا تروق لك، أو قد تتصادم مع منظومة المثل والقيم الإنسانية التي تتمتعين بها.
إذن: هذا التراكم وهذا التحقن يؤدي قطعاً إلى فورات من الغضب، ولذا يعتبر التعبير عن الذات - أو ما نسميه بالتفريغ النفسي - علاجاً ضرورياً وأساسياً في مثل هذه الحالة.
فنصيحتي لك هي أن تعبري عن ما بذاتك، لا تتركي الأمور تحتقن، لا تتركي ما لا يرضيك يتراكم ويتراكم حتى يؤدي إلى هذه الفورات الغضبية؛ لأن ذلك ليس من مصحلتك النفسية، وحتى إذا غلب عليك الحياء وكنت لا تودين الرد على إنسان معين في نفس اللحظة فيجب أن تحاوري نفسك وتقولين: (هذا الشخص قال لي كذا وكذا وكان من المفترض أن أرد عليه بكذا وكذا)، أيضاً هذا يعتبر نوعا من التفريغ النفسي هو أقل درجة من التفريغ النفسي المباشر، بمعنى الذي تخاطب في الشخص مباشرة، ولكن حتى هذا التفريغ النفسي مع الذات يعتبر أيضاً علاجاً جيداً ومجدياً.
ولا شك أن الغضب هو أحد التفاعلات الوجدانية النفسية السلبية، لاشك في ذلك، لذا الشريعة الإسلامية السمحاء والسنة النبوية المطهرة أعطتنا توجيهات لو اتبعناها سوف تساعدنا كثيراً، وهي أولاً أن نتذكر ألا نغضب: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، إذا رسخنا هذا المفهوم في داخلنا فهذا قطعاً سوف يجعلنا نحجم عن الغضب، لأننا نعرف أن نتائج القلق سوف تكون سيئة على أنفسنا وفي تفاعلنا على الآخرين.
ثانياً: الإنسان يعود نفسه بكثرة الاستغفار إذا أتاه الغضب، وأن ينفث عن جنبه الأيسر ثلاث مرات، وأن يغير مكانه وأن يتوضأ، هذه إذا طبقها الإنسان مرة أو مرتين سوف يجد أن هذا منهج سلوكي ممتاز، ويقلل قطعاً من مفاهيم الإنسان حول الغضب، ويصبح الإنسان معبراً عن ذاته، ويتقبل سلبيات الآخرين بمرونة ومعقولية.
ثالثاً: ممارسة الرياضة أيضاً تمتص طاقات الغضب، فأرجو أن تضعي لنفسك برنامجا رياضيا يناسب ظروفك الاجتماعية. وهنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء أيضاً هي علاج سلوكي ممتاز خاصة تمارين التنفس أو تمارين استرخاء العضلات المتدرج، فأرجو الحرص على مقابلة أخصائي نفسي – وليس طبيباً نفسياً – وسوف يقوم بتدريبك على كيفية إجراء هذه التمارين، وإذا كان هذا ليس بالإمكان – مقابلة الأخصائي النفسي – فيمكنك الحصول على أحد الأشرطة أو الكتيبات التي توضح كيفية القيام بتمارين الاسترخاء، كما أنه يوجد على الإنترنت الكثير من المواقع التي تتحدث عن كيفية إجراء هذه التمارين.
يبقى بعد ذلك أمر ضروري جدّاً، وهو التفكير الإيجابي، فأنت حقيقة لديك إيجابيات كثيرة في حياتك، فأنت الحمد لله زوجة ولديك طفل، ولا شك أن هذه عوامل استقرار كبيرة جدّاً، فإذا قللت التفكير السلبي واستبدلته بالتفكير الإيجابي، فهذا - إن شاء الله تعالى – يقلل من القلق؛ لأن القلق كما ذكرنا هو طاقة نفسية سلبية.
أرجو أن تتخلصي من الانطوائية بالتفاؤل مع الآخرين، وأنت تعيشين مع أهلك بالرغم من سفر زوجك، فأعتقد أن هذا وضع معقول جدّاً؛ لأن وجودك مع أهلك يجب أن يدعمك اجتماعياً، وأنت كذلك تساعدين فيما يؤدي إلى استقرار الأسرة، فأرجو أن تفتحي أبواب الحوار مع أهلك، وأن يكون لك وجودك، وأن يكون لك حضورك.
أمر العمل والذهاب إلى العمل حقيقة أنا أشكرك كثيراً وجزاك الله خيراً أنك استمعت إلى نصيحة زوجك في هذه المرحلة، وهذا الأمر يجب أن يناقش بحوار هادئ ما بينك وبين زوجك، ولا شك أن العناية بالطفل في هذه المرحلة تعتبر مهمة جدّاً، وأرجو ألا تتعلقي فكرياً ووجدانياً بالعمل في هذه المرحلة.
أنا لا أنهاك عن العمل إذا كانت هنالك حاجة له إذا كان عملاً طيباً ومحترماً، لا أنهاك عن ذلك، ولكن وجهة نظري وهي صغر سن الطفل في هذه المرحلة ربما يكون زوجك مصيباً في ذلك، فأنت يجب ألا تعتبري نفسك أنك قد هزمت أو أنك قد حرمت، لا، أنت تقومين بدور متميز، وهو تربية طفلك، فأرجو أن تناقشي الموضوع مع زوجك بحوار طيب وبود وتأن واحترام متبادل لوجهات النظر.
أنا أعتقد أنك لست في حاجة إلى علاج دوائي، ولست أيضاً في حاجة لمقابلة أي طبيب نفسي، وكما ذكرت لك إذا قابلت الأخصائي النفسي من أجل التدرب على تمارين الاسترخاء فهذا قد يكون كافياً، فالذي أرجوه هو أن تتبعي الإرشادات السابقة بقدر المستطاع، وأهم هذه الإرشادات هو التفكير الإيجابي وتطبيق التمارين الرياضية وتمارين الاسترخاء، والقبول بواقعك الذي أعتقد أنه واقع طيب وجيد، فأنت مكرمة وعزيزة وسط أهلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.
وبالله التوفيق.