الخوف من قيادة السيارة .. الأسباب والعلاج
2009-01-06 10:57:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول شيء أقدم شكري لاهتمامكم بمشاكل الناس، وجزاكم الله ألف خير، وأتمنى أن تساعدوني في حل مشكلتي.
حصلت على رخصة القيادة منذ فترة قصيرة تقريباً قبل أسبوعين في دبي.
وكنت لا أخاف إثناء التمارين على السياقة مع المدربة، لكن سبحان الله عند خروجي وحدي في السيارة للمرة الثانية صدمت السيارة في الإشارة، وكانت صدمة خفيفة الحمد لله.
ولكن بعدها شعرت بالخوف! وعندما أتوجه إلى السيارة لكي أبدأ بالسياقة أشعر بالارتباك، ويزيد نبض قلبي وجسمي يرتجف، وألم في بطني، ولكن عند طريق الرجعة للبيت أحس بأمان أكثر عندما أقترب من البيت، مع العلم بأني ممتازة بالسياقة بشهادة المدربة وزوجي وأناس كثيرين.
مع العلم أجبرت نفسي على الخروج بالسيارة بعد الحادث، ولكن كلما خرجت أصابني نفس الخوف.
الله يجزيكم خير الجزاء، ساعدوني وأحب أن أخبركم بأني بدأت آخذ دواء اسمه (اندرال) حبة صباحاً وحبة مساء 20 mg.
فهل هذا وضع طبيعي لأني لم أقد سيارة من قبل؟
أشكر لكم تعاونك أحبابي وأتمنى ما أكون أثقلت عليكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بغداد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أولاً: نقول لك مبروك على حصولك على رخصة قيادة السيارة.
ثانياً: أيتها الأخت الفاضلة الخوف هو مشاعر إنسانية والخوف حقيقة هو الواقي للإنسان من أن يكرر خطأه، هذا تفسير أعتقد أنه منطقي جداً في حالتك، فأنت تعرضت لهذا الحادث البسيط، وهذا نسميه بالخوف المسبب، أي أن خوفك ليس من فراغ، بل هو قائم على أساس أن الحادث حصل، وحتى على مستوى العقل الباطني نعرف أن هذه الحوادث ربما تؤدي إلى نتائج وخيمة وإصابات بليغة.
وهكذا الحمد لله في حالتك أن الحادث كان بسيطاً، ولم تكن له أي تبعات خطيرة .
الخوف الذي تملكك أعتقد أنه إن شاء الله فيه لك نوع من الوقاية حتى لا تقعين في مثل هذه الحوادث مرة أخرى، ولكن في ذات المستوى يجب أن لا يسيطر هذا الخوف على كيانك للدرجة المعيقة، الذي أرجوه منك هو أن تتأملي أن ملايين الناس تسوق السيارات دون أي صعوبة، ثانياً أنت مقتدرة وذلك بشهادة الجميع بشهادة زوجك والمدربة، والدليل أنك - الحمد لله - أيضاً تحصلت على الرخصة القانونية.
ثالثاً: دعاء الركوب كثيراً ما نجهله وما ننساه بالرغم من قناعتنا به.
فيا أختي: كوني حريصة جداً على دعاء الركوب، وإن شاء الله سوف تحسين أن هنالك طمأنينة حقيقية قد انبعثت لديك، هذه تجربة شخصية خضتها أنا وأرجوك أن تطبقي وتلتزمي بالدعاء بكل تمعن وبكل جدية، وسوف تجدين إن شاء الله أنه قد ساهم كثيراً في زوال هذا الخوف.
رابعاً: أرجوك أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء هي ضد الخوف وضد القلق.
والخوف ما هو إلا نوع من القلق الظرفي، خاصة نوعية الخوف الذي تعانين منه، فتمارين الاسترخاء منها تمارين التنفس، وأعتقد أنها مفيدة في حالتك، ويمكن أن تطبقي هذه التمارين بأن تستلقي على كرسي مريح في غرفة شبه مظلمة ويكون الجو هادئا، أو يمكنك الاضطجاع على السرير بعد ذلك أغمضي عينيك وافتحي فمك قليلاً، ثم خذي نفساً عميقاً وبطيئاً، حتى يمتلئ صدرك بالهواء فترتفع البطن قليلاً، بعد ذلك أمسكي الهواء في صدرك لمدة 5 ثوان، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم بكل قوة وبكل بطء، أيضاً كرري هذا التمرين صباح مساء، لمدة أسبوعين، ثم مرة في الصباح لمدة أسبوعين أيضاً، ثم حاولي أن تطبقيه عند دخولك السيارة ولكن بصورة أخف بمعنى أن تأخذي نفساً عميقاً وقولي "بسم الله الرحمن الرحيم" واقرئي دعاء الركوب عليك بالاستغفار، ثم استنشقي وخذي نفساً عميقاً وبطيئا، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء بنفس الصورة التي ذكرتها لك. هذا التمرين أيضاً وجد أنه مفيد جداً.
خامساً: أنصحك أن تقودي السيارة لمسافات قصيرة ولمرات عديدة، بمعنى أن تبدئي بتشغيل الموتور وتعيشي كل هذه الرحلة حتى تصلي لمكان ليس ببعيد، ثم أوقفي السيارة، ثم بعد ذلك ابدئي الرحلة من جديد وهكذا، وهذا نوع من ما نسميه بتمارين التطبع، أي أن الإنسان يطبع نفسه على الشيء الذي يخاف منه.
لأن المبدأ السلوكي يقول:
في حالات الخوف هو أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر خوفه مع منع الاستجابة السلبية ومنع الاستجابة السلبية نعني به هو أن لا تتجنبي. إذن التعريض والإكثار من التعريض هو أيضاً مبدأ علاجي سلوكي نعتقد أنه جيد ومفيد.
بقي بعد ذلك العلاج الدوائي أنت الآن تتناولين الأندرال، فهو دواء جيد حقيقة في أنه يتحكم في الأعراض الجسدية للقلق، مثل الرعشة الضيقة الشديدة الناتجة من الانقباضات العضلية في الصدر، كما أنه يخفف كثيراً من تسارع ضربات القلب ويرجعها إلى وضعها الطبيعي، وهو علاج جيد ولا مانع أن تستمري عليها بجرعة 20مل جرام صباح مساء لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة بعد ذلك إلى 10مل جرام صباح مساء لمدة شهر، ثم إلى 10مل جرام صباحاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.
وأريد أيضاً أن أضيف لك علاجاً آخر أعرف أنه ممتاز إن شاء الله تعالى، وباعث للطمأنينة ومزيل للقلق، وليس له أية آثار جانبية مزعجة.
العقار يعرف باسم (سبرالكس Cipralex) يمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة 5 مل جرام، توجد حبة بها 10مل جرام وحبة أخرى بها 20مل جرام، فأنت لست في حاجة للجرعة الكبيرة، فالجرعة الصغيرة سوف تكون كافية جداً، ابدئي بجرعة 5مل جرام من السبرالكس أي نصف حبة من فئة العشرة المل جرام، استمري على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى 10مل جرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضينها مرة أخرى إلى 5 مل جرام ليلاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناولها، هذا الدواء مفيد جداً، وهو مزيل للقلق والمخاوف.
فيا أختي الكريمة حالتك بسيطة جداً، وأقول لك: إن وضعك هو وضع طبيعي جداً، وهذا تفاعل ظرفي، والخوف هو وسيلة لأن يبني الإنسان تجارب جديدة ويحمي نفسه.
أرجو أن تطبقي التمارين السلوكية السابقة وتتناولي الدواء الذي وصفناه لك، ونقول لك: مبروك مرة أخرى على الحصول على رخصة قيادة السيارة، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.