الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hasan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
فإن هذا الوصف الذي أعطيته عن حالتك يشير أنك تعاني من قلق نفسي بصورة أساسية، ونوعية القلق الذي تعاني منه فيه وساوس ومخاوف وعسر في المزاج، ولديك أعراض جسدية واضحة جدّاً مثل سرعة خفقان القلب، وهذه كلها مرتبطة بالقلق النفسي.
المكوّن الوسواسي هو الأكثر ظهوراً وسيطرة على مزاجك، والوساوس المتعلقة بالطهارة والنظافة وفي الصلاة لا شك أنها نوع منتشر جدّاً من الوساوس، وهي وساوس مزعجة بعض الشيء ولكن يمكن علاجها، ولديك أيضاً وساوس فيما يتعلق بتسليطك في نظرك على عيون الرجال وعلى عوراتهم، وأيضاً ما ذكرته حول التعامل مع السيدات.
هذه كلها وساوس قهرية، ولكن في ذات الوقت يجب أن تعرف أن الوساوس يُعالج دائماً عن طريق المقاومة وعن طريق تحقيرها واستبدالها بفكرة مضادة، فأنت مطالب بأن تجري حواراً نفسياً تحليلياً مع نفسك، وهذا الحوار الداخلي يجب أن ينتهي بأن تقتنع وبصورة واضحة بسخافة هذه المكونات الوسواسية التي تعاني منها، والإنسان حين يؤمن بسخف الشيء يجب أن يحقره ويجب ألا يجعله جزءا من كيانه أو ذاته.
فإذن الاجتهاد في المقاومة، والاجتهاد في التجاهل، ولا شك أنك صاحب قيم إسلامية فيجب ألا تتجاهل هذا الجانب أبداً؛ لأن الوازع الديني حين يقوى عند الإنسان يكون جداراً آمناً ضد هذه الوساوس إن شاء الله.
بالنسبة لوساوس النظافة والطهارة يجب أن تبنى على اليقين، ويجب أن تحدد كمية الماء التي تستعملها في وقت الوضوء أو الغسل، استعمال الماء من الصنبور ليس أمراً جيداً، ولا يساعد على العلاج.
تحديد الماء في إناء على أن تكون كميته كمية معقولة وجدناه من الطرق الجيدة جدّاً التي تساعد في علاج وساوس النظافة والطهارة.
وعليك أن تعرف أن العلماء اعتبروا أن أصحاب الوساوس من أصحاب الأعذار، فهذا أيضاً يجب أن يكون مطمئناً لك، وعليك بالمقاومة، وعليك بالتجاهل، وعليك بتحقير هذه الوساوس، ويجب أن تعرض نفسك دائماً لها، ولكن لا تستجيب استجابات سلبية، هذا هو المبدأ السلوكي الجيد والنافع، فقط عليك التطبيق.
تمارين الاسترخاء أيضاً وُجد أنها مفيدة جدّاً؛ لأن تمارين الاسترخاء تقلل من درجة القلق بصورة واضحة، وكما ذكرنا سلفاً فالمخاوف والوساوس هي من مكونات الأساسية للقلق النفسي، أنا أنصحك بالحصول على كتيب أو شريط يوضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وهذه الأشرطة والكتيبات متوفرة - الحمد لله - الآن بكثرة في المكتبات، وإذا تواصلت أيضاً مع أخصائي نفسي – وليس طبيباً نفسياً – يمكن أن يقوم بتدريبك على هذه التمارين الاسترخائية، ولا مانع أيضاً من أن يقدم لك نوعا من الإرشاد السلوكي الذي يفيد في علاج الوساوس القهرية والمخاوف.
نحن ننصحك بالمواجهة، وفي النطاق الاجتماعي يجب ألا تتردد أبداً في مقابلة الناس؛ لأن الابتعاد والتجنب يزيد من المخاوف وربما يؤدي إلى تكوين نوعيات أخرى من المخاوف، فعليك بالمواجهة، وهنالك نوع من المواجهات الجيدة جدّاً، لا يشعر الشخص حقيقة بأنها عبءٌ عليه، وفي نفس الوقت فائدتها العلاجية كبيرة جدّاً.
من أمثلة النشاطات الاجتماعية التي تساعد: ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، والصلاة في المسجد الأوقات الخمسة، وأن تكون في الصف الأول، وحضور حلقات التلاوة، والمشاركة في الأعمال الاجتماعية والتطوعية وأعمال البر والإحسان، هذه كلها محفزات إيجابية كبيرة جدّاً لإزالة القلق والتوتر والمخاوف، فأرجو أن تكون حريصاً عليها.
بقي أن أصف لك علاجاً دوائياً، وبفضل الله تعالى توجد أدوية ممتازة وفعالة جدّاً، هنالك أدوية نسميها بمضادات استرجاع السيرتونين الانتقائية، وهي أدوية تعمل على توفير مادة تسمى بـالـ (سيروتونين Serotonin)، وهي أحد الناقلات العصبية الرئيسية في المخ، والتي يُعتقد أن الاضطراب في إفرازها أو ضعف إفرازها في أماكن معينة في المخ هو الذي يؤدي إلى هذه الحالات النفسية مثل القلق والخوف والوساوس.
هنالك عدة أدوية كلها نعتبرها جيدة وممتازة، ومن وجهة نظري الدواء الذي سوف يفيدك كثيراً هو العقار الذي يُعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجارياً أيضاً باسم (لسترال Lustral) وله مسميات تجارية أخرى كثيرة حسب الشركة المنتجة، والاسم العلمي لهذا الدواء هو (سيرترالين Sertraline)، والاسم العلمي مهم جدّاً في رأيي؛ لأنك يمكن أن تسأل عن الدواء تحت مسماه العلمي إذا لم يكن الاسم التجاري من الأسماء التي ذكرناها.
جرعة هذا الدواء تبدأ فيها بتناول حبة واحدة ليلاً، وعيار الحبة هي خمسون مليجراماً، استمر عليها لمدة شهر، وبعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين – أي مائة مليجرام – في اليوم، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو بمعدل حبة صباحاً وحبة مساءً، وفي رأيي أن هذه الجرعة إن شاء الله سوف تكون كافية جدّاً لأن تساهم في تحسن حالتك وشفائها إن شاء الله.
فاستمر على جرعة مائة مليجرام لمدة تسعة أشهر، وهذه هي المدة العلاجية المفترضة في مثل حالتك، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً – أي حبة واحدة – في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خمسين مليجراماً يوماً بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء من الأدوية السليمة ومن الأدوية الفعالة جدّاً كما ذكرت، ويمكن أن تكون جرعته حتى مائتين مليجرام -أي أربع حبات- في اليوم، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.
الدواء له آثار جانبية بسيطة، ولا شك أنه لا يوجد دواء يخلو من الآثار الجانبية، فالسيرترالين قد يؤدي إلى شعور بالاسترخاء في الأيام الأولى للعلاج، وقد يؤدي أيضاً إلى زيادة في الشهية نحو الطعام مما يترتب عليه زيادة بسيطة في الوزن، وهذا لا يحدث لجميع الناس.
ويوجد أيضاً أثر جانبي مهم وهو أن هذا الدواء ربما يؤخر القذف المنوي لدى الرجال، ولكن الدواء لا يؤثر سلباً على الأداء الجنسي أو مستوى الخصوبة عند الرجل، وهذا الأثر الجانبي – أي تأخر القذف المنوي – يكون مؤقتاً، وحقيقة مما نشاهده ونلاحظه أن الكثير من الإخوة الذين تناولوا هذا الدواء تحسن أيضاً لديهم الأداء الجنسي؛ لأن الإنسان القلق ربما يعاني أصلاً من سرعة في القذف.
عليك أن تتذكر الإيجابيات الموجودة في حياتك، فأنت رجل مستقر ومتزوج ولديك ذرية بفضل الله تعالى، ولا شك أنه توجد إيجابيات أخرى في حياتك.
أنا لا أريدك أبداً أن تنظر وتركز على السلبيات، الماضي حتى وإن كان فيه بعض الخدوش التي ربما تكون تركت أثراً سلبياً عليك يجب أن تتجاهل ذلك تماماً وتعتبر الماضي مجرد عبرة وتجربة وعظة، والأخذ بالحاضر وأن تعيش حياتك بقوة وأن تعيش المستقبل بأمل ورجاء، هذا يساعدك كثيراً.
وللفائدة عن علاج الخجل سلوكياً يرجى الاطلاع على (
267019 -
1193 -
226256 -
259955).
وكذا علاج الوساوس القهرية في الصلاة والطهارة سلوكياً (
262448 -
262925 -
262925 -
261359 -
262267).
وبالله التوفيق.