الخوف على المستوى الإيماني لدى الإنسان وعلاقة ذلك باعتزال المجتمع
2009-10-13 05:40:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب حاولت التقرب من الله فحاولت الاجتهاد في العبادات واجتناب المحرمات لكن وقع لي فيما بعد نوع من الانحراف في العبادة فأدى ذلك إلى نتائج سلبية عليّ، وبعد فترة (شهر حسب ما أتذكر) حدث لي تغير كبير في نفسيتي وطبعي، أحسست بنفسي وكأني إنسان آخر (كان وقتها عمري 20 سنة).
وتتمثل هذه التغيرات في:
- أني أصبحت شديد المحافظة على الصلاة في جماعة.
- ارتفاع القدرة على غض البصر لديّ.
- أني أصبحت أتحرى الحلال في المال وفي تصرفاتي.
- ارتفاع خلق الصدق عندي.
لكن بسبب جهلي بالدين وقصر نظري وأيضاً جهلي بالحياة قررت الابتعاد عن الناس في محاولة مني لرفع مستوى إيماني بحيث لا أتأثر بتصرفات الناس وكلامهم؛ معتقداً أن ذلك سيحفظ لي نقاء قلبي، فأصبحت أعيش نوعاً من العزلة حتى عن أمي وإخوتي، وأنا الآن أحس أني إنسان مبتور ليس له أي علاقة ولا صاحب، وقد بدأت التحرك لإقامة عدة علاقات مع أصحاب فيهم الصلاح، وأريد مزيداً من النصائح والتوجيهات من سادتنا العلماء - حفظهم الله - لضمان المزيد من النجاعة والنتيجة المرجوة.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الحبيب علي نبارك لك العودة إلى الله إلى الكريم، إلى الباب الذي لا يغلق، إن ما قمت به يعجز عنه كثير من الرجال، إن البعد عن الشهوات وتركها والابتعاد عن مواطنها، وكذلك عودتك للصلاة والتي وصفها الله تبارك وتعالى بقوله: ((وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ))[البقرة:45] والله نسأل أن تكون من الخاشعين له، كل ما قمت به كان - بإذن الله - على أكمل وجه ولعلك هنا أيضاً هزمت إبليس اللعين الذي لم يجد له سيطرة عليك بأن ترتكب أدنى معصية أو يقودك إلى أماكنها فجاءك من الباب الآخر، والشيطان - أخي الحبيب - يجتهد على الإنسان لكي يغويه، فإما بالإفراط أو بالتفريط ولا يهمه بأيهما ظفر، يعني في البداية يحاول أن يجعلك تاركا للصلاة عاقا لوالديك تاركا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن لم يستطع وقد هُزم فيها، فيأتيك من باب خطير وهو باب الطاعات ويقول لك أنت من أولياء الله تعالى، وأنت أفضل من فلان العاصي وفلان الذي فيه كذا وكذا، فأنت بلا شك أفضل منهم، ويبدأ الإعجاب يدب إلى النفس المريضة، فيرى هذا الشخص أنه خير من غيره، وهذا الكبر بعينه!
وقد يأتيك من باب آخر وهو أن الخلطة مع الناس جلبت لك المعاصي، وبما أنك قد تبت وعدت إلى الله تعالى فعليك أن تبتعد عن مواطن المعاصي، ويأتي الشيطان بعد ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة، ولعله ذكّرك بقصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً ثم أكمل المئة، والوصية لهذا الرجل غير مكانك لأنها أرض سوء.
وأما أنت -أخي الحبيب- إليك هذه الخطوات، والله أسأل أن ينفعك بها:
1- عليك بالعلم فإنه ما عُبد الله بشيء أفضل من العلم.
2- ابدأ بالعودة والتواصل مع أهلك وأقاربك وأصحابك الذين كانوا معك، ما لم يكونوا أهل سوء وانحراف.
3- كن حريصاً عند أمرك بالمعروف أو نهيك عن المنكر، فلا تتعالى على المنصوحين فإن النفس البشرية تأنف من هذا الأسلوب.
4- لتكن ابتسامتك دائماً مرسومة على وجهك.
5- استمع إلى نصائح العلماء الربانيين، وقد تكون نصيحتهم لك خلاف ما ترتاح له نفسك، أقول لك خالف نفسك وخالف هواك.
6- ديننا دين الثوابت، فالحبيب صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بهذا الدين وأخشاهم لله تعالى وأخوفهم من أي تقصير ومع ذلك أين كان يعيش؟ هل بنى لنفسه صومعة وعاش فيها ليحفظ لنفسه دينها ويكسب الحسنات حتى يلقى الله عز وجل وما عليه معصية!
الإجابة واضحة عندك وأنت تقرأ هذه الكلمات بأن هذا ليس من هدي محمد صلى الله عليه وسلم، بل كان يتعامل مع الناس ويصبر على أذاهم.
7- وقبل الختام وكما ذكرت في رسالتك عن مسألة حفظ القلب، نعم أخي رعاك الله فالشيطان يأتي إلى الإنسان ويزين له الخشوع والهدوء النفسي ويربطه بأن كل هذا الخشوع لأنك بعيد عن الناس والبعد عن الناس غنيمة!
8- أخي الحبيب لا أرى أن لديك مشكلة يخشى منها؛ لأنك تفضّلت في رسالتك بأنك عرفت الطريق وبدأت، ومن بدأ مع الله فإن الله سيتولاه بعنايته وحفظه.
والله الموفق.