كيف أتغلب على مراقبة ذاتي وأتحكم في الخجل؟
2025-05-05 02:13:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف أتخلص من مراقبة ذاتي؟ على سبيل المثال: عندما أكون في اجتماع في العمل مع زملائي ومديري، حوالي 12 فردًا، وأثناء الحديث أكون طبيعيًا جدًا، لكن في وسط الاجتماع تأتي لي هواجس تجعلني أراقب ذاتي، فأشعر بالخجل للحظات، ويظهر عليّ أعراض، مثل: احمرار الوجه، وفي تلك اللحظة، أتمنى ألا يكلمني أحد، أو يوجه لي حديثًا؛ لأنني لا أستطيع النظر في عين أي شخص حتى تنتهي تلك الحالة، وعندما تنتهي أعود طبيعيًا.
قرأت كثيرًا عن التنمية البشرية، والبرمجة اللغوية العصبية، وعلاج الخجل، ولكن رغم كل ذلك تلازمني تلك الحالة، وليست دائمًا بل في بعض الاجتماعات.
فهل من حلٍّ لعلاج ترقب النفس؟ وما هي الخطوات التي أستطيع من خلالها السيطرة على نفسي إذا حدثت لي هواجس أو أفكار سلبية؟ وكيف أستطيع أن أصرفها بسرعة؟ خاصة أنني مقبل بعد أسبوعين على الزواج، وأنا قلق جدًا من أن تحدث لي هذه الأعراض أمام الناس.
أرجوكم ساعدوني، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فتحي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن حالتك بسيطة، فهي ربما تعطي الانطباع أنك تعاني من رهاب أو خوف اجتماعي، ولكني أعتقد أن الموضوع هو مجرد قلق ظرفي يحدث كما ذكرتَ في التجمعات، ولكنه لا يرقى ولا يصل إلى درجة الخوف الحقيقي، وهذا النوع من القلق يكون هدف الإنسان منه أن يحسن من أدائه أمام الآخرين؛ وهذا يدفعه كثيرًا لمزيد من الحساسية، ولمزيد من القلق، وفرض السيطرة والرقابة الصارمة جدًا على الذات؛ خوفًا من الوقوع في أي نوع من الخطأ.
والذي أراه هو أولًا: أن تتجاهل هذه التجارب والخبرة السابقة، والتي يمكن أن نسميها بالخبرة القلقية، أعرف أن التجاهل ليس سهلًا، ولكنه ليس مستحيلًا، وكثير من الناس نجحوا في ذلك؛ وذلك بإجراء نوع من المخاطبات الذهنية الداخلية، مثلًا تقول لنفسك: لماذا أقلق؟ أنا مثل بقية الناس، ليس هنالك ما يدعوني لكل هذه الرقابة على الذات، الإنسان يراقب نفسه فقط في طاعة الله وليس أكثر من ذلك، وبناء مفاهيم وفكر جديد يساعد كثيرًا.
أريدك أن تقوم بإجراء بعض التدريبات السلوكية البسيطة جدًا، منها ما نسميه بالإغراق أو الإغماء، عن طريق المواجهة في الخيال، هذا تمرين بسيط جدًا، تجلس في مكان هادئ، وتتصور أنك في أحد هذه الاجتماعات، وطُلب منك أن تقدم عرضًا موجزًا ومتقنًا عن موضوع أو مشروع معين.
عش هذا الخيال كاملًا من أوله إلى آخره بتمعن وتأمل وتفكر، وإذا كان هذا التمرين يستغرق عشر دقائق يوميًا فهذا -إن شاء الله- يعطيك نتائج إيجابية جدًا.
تصور نفسك في موقفٍ آخر، أنك قد قُدمت للصلاة بالناس، هذا موقف يتطلب الكثير من المسئولية، وهذا يمكن أن يحدث للإنسان، أمر واقعي وليس خرافياً أو مستحيلاً.
إذن: التعريض في الخيال من الأمور الجيدة جدًا في القضاء على أي مخاوف قلقية مرتبطة بظرف اجتماعي، وأنصحك بتطبيق تمرين بسيط جدًا، وهو تمرين إيقاف الأفكار، وفي هذا التمرين استرسل في هذا القلق والتوتر، وفجأة قل لنفسك: (قف قف قف) بكل قوة وشدة.
ويمكن أن تحول التمرين أيضًا وتجعله تمريناً تنفيرياً، وأقصد بذلك: أن المثير الحقيقي لقلقك وخوفك هو اللقاءات الاجتماعية، يتم ربطه بمثير أو استشعار آخر مضاد له، وفي مثل الحالة وُجد إيقاع الألم بالنفس جيداً جدًا، وبصورة عملية، تأمل في هذه المواقف التي تحس بها بعدم الارتياح والاحمرار في الوجه، وفجأة قم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بألم شديد.
الهدف هو أن تربط ما بين الألم وما بين القلق أو الظرف الذي يؤدي إلى القلق. تكرار هذا التمرين عشر مرات متوالية يوميًا، وُجد أيضًا أنه يُضعف تمامًا الاستجابة الأولى.
تطوير المهارات الاجتماعية بصفة عامة، مثل: المشاركات في الأنشطة الشبابية، والأعمال التطوعية، أن تشارك في نشاطات اجتماعية رياضية، حضور حلقات التلاوة والدروس؛ كل هذه لها قيمة علاجية كبيرة جدًا، فأرجو أن تحرص عليها.
هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، وهي متعددة، من أبسط هذه التمارين: تمرين التنفس المتدرج، وهذا يمكن أن تطبقه بأن تسترخي على كرسي مريح في مكانٍ هادئٍ ليس به ضوضاء، وأنت في حالة تركيز واسترخاء وسكون نفسي وذهني، أغمض عينيك وخذ نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، املء صدرك بالهواء، ثم بعد ذلك أمسك الهواء قليلًا، ثم أخرجه عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراجه بقوة وببطء.
كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرتين في اليوم، وبعد أسبوعين يمكنك أن تمارسه مرة واحدة في اليوم، وسوف تجد أنه قد ساعدك كثيرًا.
إن شاء الله يتم الزواج على خير، وليس هناك ما يدعوك للقلق، وأعتقد أنه سيكون من الجيد والإيجابي أن نصف لك علاجاً دوائياً بسيطاً يساعد كثيرًا في زوال هذا القلق.
من الأدوية الجيدة عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدأ بجرعة 5 مليجرام، أي نصف حبة من فئة الحبة التي تحتوي على 10 مليجرام، تناولها يوميًا لمدة أربعة أيام، ثم تناول 10 مليجرام ليلًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى 5 مليجرام ليلًا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء في الأصل مضاد للقلق والتوتر والمخاوف، -وإن شاء الله- سوف يفيدك كثيرًا، وهناك دواء إضافي أعتقد أنه سوف يساعدك أكثر؛ لأن السبرالكس حتى تظهر فعاليته الحقيقية لا بد أن تمضي مدة عشرة أيام على الأقل.
أما الدواء الثاني: الإندرال ففعاليته سريعة جدًّا، وهو يفيد في الأعراض الجسدية المصاحبة للقلق والخوف، فأرجو أن تتناوله بجرعة 10 مليجرام صباحًا ومساءً لمدة أسبوعين، ثم 10 مليجرام صباحًا لمدة أسبوعين أيضًا.
يتميز الإندرال بأنه يساعد كما ذكرت لك في الأعراض الجسدية، فلن تشاهد احمرارًا في الوجه، وتسارعًا في ضربات القلب -إن شاء الله-، وإذا كانت هنالك أي رجفة أو تعرق سوف يقضى عليها تمامًا، من خلال تناول هذا الدواء.
الأدوية سليمة، بسيطة، وجيدة، وأشكرك على تواصلك معنا في إسلام ويب، ونسأله تعالى أن يشفيك ويعافيك، وأن يتم الزواج على خير وبركة ورخاء.
وختامًا: نشكرك على ثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يتم لك أمر الزواج، وتهنأ وتُسعد به كثيرًا، وأن يجمع بينك وبين زوجتك على الخير والبركة.
وبالله التوفيق والسداد.