الرهاب الاجتماعي .. الأعراض والعلاج
2009-05-02 19:56:58 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب في الثلاثين من عمري، أشعر بخوف شديد واحمرار في وجهي من التحدث أمام الجميع ولو لم يتجاوز عددهم العشرة؛ مما سبب لي الكثير من الأزمات والانطواء، وخاصة في مجال عملي الذي يتطلب حضور دورات وغيرها، وبسبب الخوف من توجيه سؤال لي أقرر عدم الحضور.
علماً بأن لدي الخبرة الكافية، ولكني لا أستطيع التحدث أو إبداء رأيي، وكذلك عندي ما يسمى بأحلام اليقظة، فعندما أسمع موسيقى أبدأ في هذا الخيال، حيث أشعر أني شاعر وأتحدث أمام الجميع وبطلاقة أو أني لاعب مشهور وغير ذلك، وقد قررت بعد ذلك الذهاب إلى طبيب نفسي، ولكني أخشى أن لا يكون متمكناً فتزداد الأمور سوءاً، فأرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمدون حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن حالتك - بالرغم مما تسببه لك من إزعاج - حالة بسيطة جدّاً وتسمى بقلق الرهاب الاجتماعي، ما يحدث لك من احمرار في الوجه هو ناتج من زيادة في تدفق الدم، وهذه عملية فسيولوجية بحتة مرتبطة بالقلق.
أهم الخطوات لعلاج هذه الحالة هو أن تتفهم طبيعتها وتصحح مفاهيمك حولها؛ ولذا أود أن تعرف أن حالتك هي مجرد قلق كما ذكرت لك، وهي لاتدل مطلقاً على ضعف في شخصيتك، وعليك أيضاً أن تستوعب أن الأعراض التي تحس بها أنت تستشعرها بصورة مبالغ فيها، كما أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك أو ملاحظة هذه التغيرات التي تستشعرها أنت، وهذا الكلام الذي أقوله لك هو قائم على ملاحظات وأبحاث علمية موثقة.
ثانياً: العلاج يتمثل في المواجهة؛ لأن التجنب يزيد من القلق والمخاوف الاجتماعية، والمواجهة تكون عن طريق ما يسمى المواجهة في الخيال، والمواجهة التطبيقية أو العملية.
المواجهة في الخيال: تتطلب أن تجلس في مكان هادئ وتخصص ربع ساعة على الأقل لهذا التمرين السلوكي، والذي من خلاله تتخيل وبعمق وبجدية أنك في موقف اجتماعي مثل أنك تقوم بعرض موضوع على مجموعة كبيرة من الناس أو أنه قد طُلب منك أن تصلي بالناس في المسجد أو أن لديك مناسبة اجتماعية كبيرة لابد بالطبع أن تقابل فيها الضيوف، عش هذا الخيال بكل جدية وتفاعل.
الانتقال للتطبيق يتطلب منك أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تتحدث معهم، وابدأ بالسلام، فالسلام يُشعر الإنسان بالطمأنينة والسلام الداخلي، وحاول أن تتبسم في وجه إخوانك متى ما كان ذلك مقبولاً.
أكثر من هذه المواجهات ولا تتجنب مطلقاً، وقل لنفسك أن هذا مجرد قلق كما ذكر لي الطبيب، فلماذا أقلق؟ لماذا لا أكون مثل الآخرين... وهكذا.
وتوجد أيضاً مواجهات اجتماعية نعتبرها مفيدة جدّاً، ومنها الحرص على الصلاة في جماعة، وحضور حلقات التلاوة، وممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، الانضمام والعمل من خلال الجمعيات الشبابية والخيرية، فهذه كلها ترفع من المهارات الاجتماعية التي تقضي - بإذن الله تعالى – على الهرع والقلق الاجتماعي.
بعد ذلك سوف أصف لك أحد الأدوية المتميزة جدّاً في علاج هذا النوع من القلق، والدواء يعرف باسم علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat)، وجرعة البداية في مثل حالتك هي عشرة مليجرام (نصف حبة) ليلاً لمدة أسبوعين، ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة واستمر عليها لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى حبتين ليلاً، وهذه هي الجرعة العلاجية الكاملة والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر مع ضرورة الالتزام بتناول العلاج في وقته وجرعته الصحيحة، بعد انقضاء فترة الستة أشهر خفض الجرعة إلى حبة ونصف ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه هي الفترة الوقائية، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما فيما ذكرته من أنك تعاني من أحلام اليقظة خاصة حين تسمع الموسيقى، فإن أحلام اليقظة هي في الأصل دليل على وجود قلق داخلي، أو أنها جزء من حياة الإنسان الارتقائية، وغالباً ما تختفي تلقائياً، ويا أخي ما دامت هذه الأحلام مرتبطة بسماع الموسيقى فلماذا لا تتوقف عن الاستماع إلى هذه الموسيقى، خاصة وأنه لا خير فيها، وقد تكون هذه رحمة بك أنها سببت لك الضرر أكثر من النفع، وهذا مؤشر يجب أن يكون مشجعاً لك لعدم الاستماع إليها، واستبدالها بما هو أفضل.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأنا على ثقة تامة أنك بإذن الله إذا طبقت الإرشادات السابقة وتناولت الدواء كما هو موصوف فإن صحتك النفسية سوف تكون على أفضل ما يكون، وإذا أردت أن تقابل الطبيب النفسي فإن شاء الله هذا أيضاً في خير كثير، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.