وسواس النظر إلى عورات الناس
2009-08-25 10:45:03 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب وأعاني من مرض الوسواس القهري منذ 7 سنوات، وطبيعة المرض هو أني أوسوس بالنظر إلى عورات الناس، مثلاً إذا كانت امرأة تتحدث لي فجأة أحس بأني أنظر إلى صدرها أو إلى مناطق العورة الموجودة في جسمها، وهذا يأتيني بشكل 50% وهذه الحالة ليست مع كل النساء.
أما الوسواس الثاني أيضاً هو وسواس النظر، حيث أني عندما أقابل أي رجل أجد عقلي يبدأ الوسواس بالنظر إلى عورته -عافاكم الله وشفاني- وأنا لا أعلم ماذا أفعل، حتى إن بعض أصحابي لاحظوا علي هذا الشيء وزملائي في العمل وبعض أقاربي، وهم في داخلهم وبنظرات عيونهم يقولون: ماذا حدث لك وكيف حدث وإلى ماذا تنظر؟ وبعضهم يخجل وأنا أخجل، وأحياناً أهرب من الكلام أو مقابلة هؤلاء الناس وجها لوجه، أنا أريد حلاً، والله لولا أن هؤلاء الناس يعرفونني جيداً لا أعلم ماذا سيقولون عني، وهذا الوسواس البصري والعقلي يجعلني دائماً في حالة من الخوف والهلع والاضطراب، أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ومنا ومن جميع المسلمين الصيام والقيام.
فإن هذا نوع من الوساوس نشاهده من وقت لآخر، وأتفق معك أنه نوع سخيف من الوساوس، ولا شك أنه وسواس شيطاني مؤلم للنفس، وأول ما تقوم به هو أن تستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
ثانياً: أعرف أن الوساوس هي فكرة متسلطة على الإنسان، ولكنه تحت إرادة الإنسان لدرجة كبيرة، ولذا يرى علماء النفس والسلوك أن تحقير الوساوس واضطهادها وسيلة سلوكية جيدة من وسائل العلاج، لذا عليك أن تحقر هذا الوسواس، فحين يأتيك هذا الشعور بالنظر إلى عورات الرجال أو النساء خاطب نفسك، لا تستسلم أبداً، خاطب نفسك بقوة وبتركيز، ومن خلال هذا التخاطب الذاتي حقر هذه الفكرة، ابغضها، اجعلها تحت قدمك، وقم بالدوس عليها عدة مرات، وهذا التمرين بالرغم من أنه تمرين بسيط ولكنه تمرين جيد جدّاً، فقط يتطلب التركيز والتكرار والقناعة بفعاليته.
التمرين الثاني: هو أن تجلس على كرسي، وتفكر في هذه الفكرة الوسواسية، وفي أثناء استرسالك وتفكيرك قم بالضرب على يدك بشدة حتى تحس بألم شديد، هذا الألم حين تربطه مع الفكرة الوسواسية وتكرر ذلك عدة مرات وُجد من الناحية السلوكية أن ذلك يُضعف الوسواس كثيراً.
التمرين الثالث هو أن تتخيل هذه الفكرة الوسواسية وتربط معها حدثاً بشعاً وفظيعاً قد تكون شاهدته في حياتك أو تخيله أمامك، هذه ليست دعوة للتشاؤم، ولكنها طريقة علاجية سلوكية.
التمرين الرابع هو أن تفكر في هذا الوسواس تفكيراً عميقاً متكرراً حتى تحس بالإجهاد.
التمرين الخامس هو أن تفكر في الفكرة الوسواسية وتركز عليها وتكررها، ثم بعد ذلك تقول مع نفسك: (قف قف قف) وتكرر هذا كأنك تخاطب الفكرة الوسواسية.
عليك بالتفكير التعويضي أو الاستبدالي، بمعنى أنك حين تقابل شخصاً قل لنفسك: (لن أفكر أبداً في عورة هذا الرجل ولكنني سوف أحييه تحية طيبة وأتبسم في وجهه) وحين ترى امرأة قل مع نفسك: (هذه امرأة صالحة، من الواضح أن عقلها راجح) أي أن تعوض أو تستبدل الفكرة الوسواسية بفكرة أخرى تكون متعلقة بالمرأة أو الرجل موضع الوسواس.
بقي أن أقول لك أنه بفضل الله تعالى يوجد علاج دوائي، حيث إن الوساوس ربما تنشأ بعد تغيرات كيميائية في داخل المخ، وهذه التغيرات الكيميائية مرتبطة بمواد تسمى بالناقلات أو المرسلات، ومنها مادة تعرف باسم (سيروتونين Serotonin)، وعليه حتى يُعاد التوازن البيولوجي وتصحح المسارات التي تتحكم في إفراز هذه المواد يتحتم تناول الأدوية، والتي أثبتت بفضل الله تعالى فعاليتها وسلامتها.
الدواء الذي أود منك أن تتناوله يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجراماً) يومياً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراماً – واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم واستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء، وهو من الأدوية السليمة، وإن شاء الله تعالى بتطبيقك المستمر للإرشادات السلوكية السابقة، وتناولك لهذا الدواء، وأن تسأل الله تعالى دائماً أن يصرف عنك هذا البلاء، سوف تزول عنك هذه الوساوس، -وإن شاء الله- سوف يتحسن مزاجك وتحس أنك أصبحت أكثر ارتياحاً.
وبالله التوفيق.