السؤال
لحيتي ومستقبل أخي والعائلة.. أسأل فضيلتكم عن شخص التزم منذ عام تقريبا -والحمد لله- أعفى لحيته وقصر ثوبه ولازم أهل الصلاح وحضر بعض الدروس وواظب على حضور حلقة لتعلم التجويد بصورة شبه دائمة ولكـن.. أهله وعائلته لا يرضون عن ذلك ويحاولون دائبين ثنيه عن الالتزام ويجبرونه علي حلق لحيته وعدم الصلاة في مساجد معينة وعدم ملازمة أهل الصلاح والالتزام وكادت تصل الأمور إلي الإيذاء البدني... وكل هذا بحجة أن أخي يعمل في جهاز عسكري بوزارة الدفاع بالدولة وأن التزامي يسبب له الكثير من المشاكل والمتاعب في وظيفته ويرون أن التزامي سيسبب لي الكثير من المشاكل خلال حياتي المهنية ويقف دائما عقبة في طريقي وطريق العائلة بأسرها.... أفتوني مأجورين هل أنفذ ما يطلبونه مني أم أستمسك بغرسي مع احتمال وجود مشكلات لأخي والعائلة كما يزعمون، فأرجو من فضيلتكم الإسراع لأن الحالة الآن متوترة مع أهلي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قام به هذا الشخص من الالتزام وإعفاء للحيته وتقصير الثوب والصلاة في المسجد وملازمة أهل الصلاح وحضور الدروس والمواظبة على حلق تعلم التجويد ونحو ذلك.... هو الصواب وفي الالتزام به حصول خيري الدنيا والآخرة، وبعض هذه الأمور واجب أصلاً، فلا يجوز العدول عنه، لأنه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. كما في الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني.
ولا شك أن المتمسك بشرع الله تعالى قد يلاقي بعض الابتلاءات لتمحيصه ورفع درجاته وخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر. رواه الترمذي. ولكن حصول هذه الابتلاءات والتخوف منها قد يبالغ فيه البعض يجعله بعبعاً يخوف به ويرجف، ولا ريب أن ذلك خلاف الواقع المشاهد والحمد لله رب العالمين.
وعلى أية حال فلو افترضنا حصول شيء من ذلك، فالجواب أنه إذا كان في الإمكان الجمع بين البقاء على هذا المنهج، وبين السلامة من أذى الأهل وغيرهم من الناس، فالواجب الاستمرار على هذه السيرة مع مداراة الأهل ومجاملتهم بكل ما يتاح من الأساليب اللينة، والتلطف والاعتذار... وإذا تحقق من الوقوع في الضرر الذي قلت إنه قد يصل إلى الإيذاء البدني له، فإن أوامر العزيز الحكيم الرحيم مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ... ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. أخرجه مسلم. وحينئذ يكون العدول عما لم يكن بد من العدول عنه من هذه الأمور، هو من باب الإكراه، والمكره معذور فيما يكره على فعله، ونسأل الله تعالى أن يعيننا وإياك على التمسك بالدين، والاستقامة على الصراط، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.