السؤال
شاركت أحد الأشخاص بمحل تجاري ووضعت قواعد للمحاسبة بفواتير للشراء والبيع وكتبت عليه سند سحب وبنهاية العام رجعت إلى البلد (مع العلم أني مغترب) ووجدته لم يسجل أي وصولات للشراء أو للبيع أو ربما أخفاها ولم يسجل إلا في دفتر البيع ما أراد حتى أظهر أنه قد خسر في تجارته مع العلم أنه في السنة الماضية ربح المحل مبلغا كبيرا وسألت جيران المحل فأكّد الجميع أنهم قد ربحوا أكّد المحاسب تلاعب هذا الرجل فاعتمدت معه مبدأ الحيلة كي أستطيع الحصول على ما أستطيع من حقي وجاء لي برجل من طرفه كان قد شاركه في الخفاء واشترى مني المحل بأقل من ثمنه ورضيت لأني لن أستطيع أن أبيع إلا برضا الشريك والرأسمال كان 400ألف وأظهر أنه خسر 300 ألف والباقي من رأسمالي سيعطيني إياه ولكنه عاد وقال إنه سيبيعهه لشريكه ويعطيني ثمنه على دفعات وسندات ورضيت تحت الأمر الواقع ولكني الآن رفعت عليه قضية في المحكمة بالسند الذي أعطاني إياه وحجزت على المحل لدفع المبلغ وهو 400ألف واعتبرت السندات التي أعطاني إياها بمثابة أقل ربح يمكن أن أحصل عليه مع العلم أن السنة الماضية كنت قدربحت ضعف هذا المبلغ فهل أنا على حق وهل يجوز لي أن أقسم أمام المحكمة أني لم آخذ منه شيئا لو اضطررت لأحصل على حقي وبغير هذه الطريقة لن أستطيع الحصول على حقي قانونيا .
جزاكم الله خيرا وأرجو الإفادة.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
فلا يجوز لك الحلف كذبا عند القاضي ولو صح ما ذكرت من خيانة شريكك وقصدت بذلك التوصل إلى حقك، بل ولا تنفعك التورية أو التأويل في مثل ذلك باتفاق الفقهاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك الحلف كذبا عند القاضي ولو صح ما ذكرت من خيانة شريكك و قصدت بذلك التوصل إلى حقك بل ولا تنفعك التورية أو التأويل في مثل ذلك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمينك على ما يصدقك به صاحبك - وفي رواية: اليمين على نية المستحلف.
قال الإمام النووي: اليمين على نية الحالف في جميع الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه فتكون اليمين على نية المستحلف وهو مراد الحديث أما إذا حلف بغير استحلاف القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه فتكون اليمين على نية الحالف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إذا استحلفه الحاكم لفصل الخصومة، فإن يمينك على ما يصدقك به صاحبك، والنية للمستحلف في مثل هذا باتفاق المسلمين ولا ينفعه التأويل وفاقا.
وقال فضيلة الشيخ وهبة الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته: أما في حال التحليف فقد اتفق الفقهاء على أن اليمين في الدعاوى تكون بحسب نية المستحلف.
وقال في التعليل لذلك: يلاحظ أن العبرة في الحلف بنية القاضي المستحلف للخصم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «اليمين على نية المستحلف»، وقد حمل هذا الحديث على الحاكم؛ لأنه الذي له ولاية الاستحلاف، فلو أخذ بنية الحالف، لبطلت فائدة الأيمان وضاعت الحقوق؛ إذ كل أحد يحلف على ما يقصد، فلو ورى الحالف في يمينه، بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف القاضي، أو تأول أي اعتقد خلاف نية القاضي، أو استثنى الحالف، كقوله عقب يمينه: «إن شاء الله»، ووصل باللفظ شرطا، مثل: إن دخلت الدار، بحيث لا يسمع القاضي كلامه، لم يدفع ما ذكر إثم اليمين الفاجرة، وإلا ضاع المقصود من اليمين وهو حصول الهيبة من الإقدام عليها.
وراجع للأهمية الفتوى رقم: 80833، والفتوى رقم: 50829.
والله أعلم.