السؤال
رجاء أجيبوني بأقصى حد ممكن سؤالي لكم هو أن أمي إنسانة تحب أن تحكم من حولها بالحق والباطل فقد كانت هنالك مشادة كلامية بيني وبين زوجة خالي وهي على باطل وأنا لا أحب أن أؤيد الباطل على الحق فقد قمنا في المخانقة فقامت بمقاطعتي وحرمت علي أن أدخل بيتها بالرغم من أن والدي متوفى وحرمت أخواتي البنات أن يأتوا إلي لبيتي بالرغم من ذلك ذهبت إليها عدة مرات لأفهمها أنها والدتي ويجب أن تقف إلى جانب الحق فقالت لي أدخلك بيتي بشرطين أن تعتذري إلى زوجة أخي وأن تقاطعي أخاك وهذا هو سبب الخناق بيني وبين زوجة خالي حيث كانت تقنع والدتي أن تلزمني بمقاطعة أخي التي هي مقاطعته وتدعو عليه في أغلب الأوقات . والاهم من ذلك أني في خلال الـ 10 أشهر التي قاطعتني فيهم أمي ذهبت إليها مرارا فكانت تطردني وتشتمني وتدعو الله أن يلحق بي مرض السرطان وكنت أطرح عليها السلام فكانت لا ترد السلام بل تدعو علي من كل قلبها .
فطلب مني زوجي أن لا أطرح السلام بعد ذلك وأيضا أنا أخذت قرارا أن لا أطرح السلام حيث لم يبق لها محبة في قلبي ولم أشعرها كأنها أم فليسامحني الله ولأثبت لكم أن أمي غير عادلة وتؤيد الباطل لأخي الصغير ولد في الحرام فأمي تتكلم مع صاحبته وتحتفظ بصورة ولده والأهم أنها تنوي الحج الشهر القادم .
ما تنصحوني أن أفعل؟
الإجابــة
الخلاصة:
بر الوالدين واجب ولو كانا عاصيين، ولا يحق مقاطعتهما بحال من الأحوال، ولكن لا يطاعان إذا أمرا بمعصية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب عليك بر أمك والإحسان إليها على كل حال، لأن الله تعالى أمر بذلك في قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}. وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين، ولتعلمي أن عقوقها من أعظم الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.
ومهما فعلت الأم فإن حقها في البر والإحسان لا يسقط، فقد أمر الله عز وجل الولد بمصاحبة والديه معروفا وهما مشركان، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} وليس هناك ذنب أعظم من الشرك بالله عز وجل فإذا كان الولد مأمورا بمصاحبة والديه بالمعروف وهما مشركان فهو مأمور بها مهما تلبسا به من المعاصي والتي هي دون الشرك بالأولى والأحرى فلتبري أمك، ولتتخذي خطوات عملية ليحصل لك الرضا من أمك وتكف عن مقاطعتك، ومن ذلك طاعتها في التصالح مع زوجة خالك، وأما مقاطعة أخيك فلا، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومقاطعة الأخ دون سبب شرعي معصية فلا تطاع الأم فيه، وإياك أن تقابلي مقاطعتها بالمثل، بل عليك صلتها بالسلام والكلام والزيارة، وغيرها، واحتسبي الأجر فيما تلاقين منها من الأذى.
وينبغي نصحها بشأن مقاطعتها لابنها والدعاء عليه، فهذا لا يجوز، فإن قبلت النصح فذاك، وإن أبت فلا تملكي إلا الدعاء لها بالهداية.
وينبغي لزوجك أن يحافظ على علاقتك بوالدتك، ويحضك على برها وطاعتها.
وتراجع الفتوى رقم: 18216.
والله أعلم.