السؤال
أنا شاب مصرى ولله الحمد ملتزم دينياً وأسعى للمزيد، وقد تعرفت على فتاة تونسية من أصل ومن أهل تدين وخلق وتحدثت كثيراً إلى والدها وأريد الزواج منها، ولكن هو معترض على غربة ابنته.. وسؤالي هو: هل هناك ما يشبه حالتي فى عصر النبى أو أود أن تفيدوني بحكم الدين وكيف أقنعه دينياً سوف أسعى وأحدد زيارة سنوية لهم، فأرجو الرد؟ وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت ملتزماً دينياً -كما ذكرت- فلا ينبغي لأبي البنت التي أردت الزواج منها أن يمنعها من ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وابن ماجه. ولذلك نص العلماء على أن الولي إذا تكرر منه رد الخطاب الأكفاء من غير سبب شرعي أجبره القاضي على التزويج.
لكن الأب -في الغالب- يكون له من العطف والحنان على ابنته ما يُبعد احتمال كونه معضلاً لها عن التزويج، فلم يعتبر جماعة من أهل العلم رد الأب المتكرر للخطاب عضلاً، لأنه لا يردهم إلا وهو يرجو في ذلك مصلحة للبنت، ففي الدسوقي عند قول خليل: (ولا يعضل أب بكراً..) قال: أي لا يعد الأب المجبر عاضلاً لمجبرته برده لكفئها رداً متكرراً، وذلك لما جبل عليه الأب من الحنان والشفقة على بنته ولجهلها بمصالح نفسها، فربما علم الأب من حالها أو من حال الخاطب ما لا يوافق، فلا يعد عاضلاً بما ذكر حتى يتحقق عضله، وفي البدر القرافي عن ابن حبيب منع مالك بناته، وقد رغب فيهن خيار الرجال وفعله العلماء قبله وبعده، وحاشاهم أن يقصدوا به الضرر. انتهى.
وعليه، فيمكنك أن تسعى إلى هذا الأب بالوسائل والوسائط المتاحة لك، وإذا استمر في رفضه لخطبتك فليس لك سوى أن ترضى بذلك، لأنه هو الأولى بمصلحة بنته، وقد يكون على صواب في رفضه، لأنه قد يجد لها من هو أصلح لها وأقرب مسافة، ولأنك أنت قد لا تفي له بما تلتزمه من إعادتها إليه سنوياً، وفيما إذا كانت قد وجدت حالة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم تشبه حالتك، فالجواب أننا لم نقف على خبر يفيد ذلك، ولكنك قد علمت مما أورده الدسوقي أن الأئمة رحمهم الله قد رغب في بناتهم خيار الرجال فمنعوا تزويجهم منهن لما يرون لهم من المصلحة في التزويج بآخرين.
والله أعلم.