السؤال
سؤالي طويل لكن ربما ما أذكره يخفف عني بعض الشيء، أنا كنت شابا ملتزما ورغم ذلك هُوجمت من كل الناس ولما قلت ألتزم أكثر واظفر بذات الدين، ربنا يعلم ماذا عملت وماذا عملوا، ولما حاولت أبعد لأني تقريبا تعبت من الالتزم يعني من غير ظلم تلك الإنسانة ولا أهلها وكرمهم معي لكن لا والناس أو قاموا يقولون الإخوة في الله ..... وعرفت فتاة أخرى لتنسيني الأولى وهي بصراحة كانت على النقيض، كانت في معهد من معاهد الفنون المسرحية، لكن والحمد لله الموقف لم يختلف كثيراً كلهم بنات حواء، ولكن الغريب أن الرجال يكونون يعنى أصحاب مصلحة، ولا يوجد صاحب أو أخ كما يقول ديننا الحنيف، ولا حتى في نظام اليهود بيتا (بقو الشلو وأحنا أولاد عم ولا المسيحية ذهب إلى بلد يطبقوا الإسلام ولا يعلموه نحن فينا المشكلة الحقيقية) أنا كل هذا كنت أرفضه وكنت أضحك وألعب وكنت أتجاهل كل المشاكل، وفجأة حالة غريبة من الأرق والإجهاد يعني قلة نوم باستمرار مع الفزع عند الاسيقاظ والاستيقاظ بدون سبب ونسيان كل شيء باستمرار، وحتى في عملي لا أعرف ماذا أعمل ،صحيح أني أعمل فى مجال الكمبيوتر وكنت ممتازا جداً في مجالي، لكن هذه الأيام لا أعلم ماذا حدث.
أرجوكم قفوا بجانبي، أتوسل إليكم أنا أحس أني لم أعد أنا فعلاً، جننت فى تصرفاتي وأفعالي وحيلتي وكل شيء. أرجوكم بسرعة.
أرسلوا الرد على الإيميل لأني فكرت في الانتحار؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنك كنت شاباً ملتزماً، وأحببت الظفر بذات الدين، والظاهر أنك ظفرت بها، ولم تذكر السبب الذي جعلك تتركها، ولا السبب الذي جعلك تقول إنك تعبت من الالتزام، ثم ذكرت إنك عرفت فتاة أخرى ولكنها على النقيض من الأولى، فهي كانت في معهد من معاهد الفنون المسرحية.. والظاهر أنك لم تجد من يساندك في محنتك، حسبما يقتضيه نظام ديننا الحنيف.
وذكرت أنك قد حاولت تجاهل المشاكل عن طريق الضحك واللعب، إلى أن وصلت إلى حالة شديدة من الأرق والفزع والاستيقاظ بدون سبب.. وبسبب ذلك نسيت كل شيء، حتى الشغل لم تعد تعرف الصحيح فيه من غير الصحيح، وكنت من قبلُ ذكياً وماهراً في مجال اختصاصك، وفي هذه الأيام لا تعرف الذي حدث، وتطلب منا أن نقف إلى جانبك في محنتك... ورداً على هذا فنحن نسأل الله جلت قدرته أن يزيل عنك الذي جاءك، ويعيد لك ما كنت عليه من الالتزام.
واعلم أن المسلم لا يجوز أن يقول إنه تعب من الالتزام، لأن الالتزام هو دأب كل مسلم يريد رضا الله والجنة، ويخشى عذابه والنار، كما أنه أيضاً هو الوسيلة التي تجعل المرء يعيش في الدنيا حياة سعيدة طيبة، يقول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}، ومما يعين على الطمأنينة وراحة البال الإقبال على قراءة القرآن، فالله تعالى يقول: كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا {الفرقان: 32}.
وعليك بقراءة قصص الأنبياء والصحابة والصالحين، فالله يقول: وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {هود:120}، وعليك باللجوء إلى الله والتضرع إليه أن يثبتك على دينه، وأن يزيدك استقامة وصلاحاً، فهذا مسلك المؤمنين كما حكى عنهم القرآن، قال سبحانه: رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {آل عمران: 8}، وقال تعالى: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا {البقرة: 250}، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. رواه الترمذي عن أنس.
هذا مع الحرص على الصحبة الصالحة والرفقة المؤمنة، فهي مما يشد أزر المسلم في التزامه ويعينه على التمسك بدينه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود. والله أعلم.