السؤال
سيدي الشيخ ابني عمره عشر سنوات و3 أشهر بدأت أضغط عليه في الصلاة حتى أني أهدده بالضرب ولم يعد هناك أي مجال للتهاون وأقول له إنك أصبحت ملزما بها ولست مخيرا والحمد لله أنه يقوم بها غير أنه في الفترة الأخيرة يحاول الهرب من أدائها خاصة الفجر فهو يقوم وهو يتمتم ويبكي ويصرخ ويتأفف مما أخافني وأخشى أن تؤدي طريقتي هذه إلى كره ولدي للصلاة والعبادات، وأصبح يكره السنن بسبب التدريس الخاطئ في مدارسنا حين يقولون إن السنن ليست ملزمة وتحرم فقط أجرها وهو يقول لي إنه لا يرغب في هذا الأجر وأنا أقول له (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، وهكذا صراع دائم بيننا من أجل الصلاة حتى الوتر... كيف أفعل معه لأحببه في الصلاة، وكيف أقنعه بالسنن وهل هذا هو الوقت المناسب لأداء الفجر في وقته، وأخشى كثيراً إن سايرته في موضوع السنن أن يكبر عليها... وأخشى أن يترك الفجر في وقته لأنه لم يعتد النهوض لأدائها وهو صغير... وآخر ما أخشاه هو أن ينظر إلي كأني من كوكب آخر وأني أبالغ في الدين فلا يعد يرجع إلي في الأمور الأخرى، انصحوني فقد جربت الهدايا والمدح والتشجيع حتى وصلت إلى الضغط والإصرار على أن ينفذ ما أراه مناسبا بحسب علمي حيث وأني أيضاً مطلقة، سوف أري ابني هذا الإيميل ليقرأه بعد أن أحذف ما لا يجب عليه أن يقرأه كنصيحة لي أنا الأم؟ أثابكم الله خير الجزاء وأنار لكم القلوب والدروب.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
فإن على الأخت السائلة أن تأمر طفلها بالالتزام بالصلاة في وقتها، ولا سيما صلاة الفجر، وتأمره بذلك بما تراه مفيداً من ترغيب وترهيب، فإن أفاد فذلك المطلوب وإلا فإن لها أن تلجأ إلى التأديب بالضرب الخفيف إن كان ذلك يفيد فيه، فإن علمت أنه لا فائدة منه لم يشرع أيضاً. هذا مع استعمال الرفق في جميع الأمور لأنه لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه، ولا يؤدب على ترك الوتر والسنن بل يؤمر بذلك ويرغب فيه فقط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الشارع الحكيم قد أمر أولياء أمور الصغار بإحسان تربية أبنائهم وتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة وأداء العبادات وذلك بتعويدهم على الصلاة عندما يبلغ أحدهم سن السابعة من عمره فما فوق، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة: أي بأن يعلموهم ما تحتاج إليه الصلاة من شروط وأركان، وأن يأمروهم بفعلها بعد التعليم. انتهى.
فهذا الحديث يؤكد على أولياء الطفل أن يأمروه بالصلاة حتى يعتاد عليها، ولا سيما إذا بلغ العشر، وذلك لأنه إذا لم يعتد على الصلاة قبل البلوغ فإنه يخشى من تكاسله عنها عندما يبلغ ويكون مكلفاً، والذي ننصح به لمعالجة هذا الأمر، أمور منها: تحبيب الصلاة إلى الطفل، وذكر فضلها ومكانتها في الإسلام، وكذلك ذكر فضائل السنن كالوتر والرواتب، ثم تعويده على النوم مبكراً حتى يأخذ حاجته من النوم ليأتي بصلاة الفجر، وإذا لم ينفع معه أسلوب الترغيب والأمر ونحو ذلك فليضرب ضرباً غير مبرح فيما يتعلق بصلاة الفرض، وهذا الضرب كما ذكر الفقهاء مشروع إذا كانت له فائدة لأن من الصبيان من لا ينفع معه الضرب ومنهم من يفيد معه، فإن لم يفد لم يشرع ففي حاشية الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند كلامه على أمر الصبي بالصلاة ما نصه: وإذا دخل في عشر سنين ولم يمتثل بالقول ضرب ضرباً خفيفاً مؤلماً حيث علم إفادته، والصواب اعتبار الضرب بحال الصبيان. انتهى.
قال العدوي معلقاً هنا: إذا علم أن الضرب لا يفيد، فإنه لا يفعله؛ إذ الوسيلة إذا لم يترتب عليها مقصدها لا تشرع. انتهى.
ومع هذا فلا ينبغي اللجوء إلى التأديب إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى مع التزام الرفق في جميع ما ذكر، ففي الحديث: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. رواه ابن حبان. وإذا لم يلتزم الطفل بالسنن كالوتر فإنه لا يؤدب على ذلك؛ لأن الأمر بالتأديب وارد في صلاة الفرض، لكن يرغب فيها فإذا بلغ فسيكون لأمره بها وترغيبه فيها تأثير إن شاء الله تعالى ولو لم يلتزم بها في الوقت الحالي، وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 77492، والفتوى رقم: 24777.
والله أعلم.