السؤال
أسمع ما يلي: المؤمن الفقير مبتلى من ربه بالفقر في الدنيا ليرى منه ثباته على الدين وطاعة الله, المؤمن الغني مكرم من ربه ومختبره في ماله ليرى إن كان سيعيش في طاعة الله, الكافر الفقير معاقب لعدم إيمانه, الكافر الغني يمد له في الدنيا حتى تأتي نهايته، و نفس الكلام ينطبق على المرض الذي يصيب الإنسان, فالمؤمن المريض مبتلى والمؤمن الصحيح منعم عليه, والكافر المريض معاقب والكافر الصحيح يمد له في دنياه.أليس فيما سبق تأويلات مختلفة لأمر واحد بما يتناسب مع ما نريد إيصاله للناس بغض النظر عن صحته؟
سؤال أول: ألا يجب أن ينال كل الناس فرصة متساوية لاختبار إيمانهم بمعنى أن يكون كل الناس فقراء ومرضى أو كل الناس أغنياء و أصحاء؟
سؤال ثان:- لماذا تحل الكوارث بشعوب مسلمة فقيرة لا حول ولا قوة لها كإندونيسيا التي لا يمر فيها يوم دون زلزال أو بركان أو مد بحري أو انجراف طيني؟ ولم لا تحل مثل هذه الكوارث بالكفار الأغنياء الذين ملأوا الدنيا فجوراً و عصياناً و كفراً فما سلم منهم لا بشر و لا حجر.. أليس الأصح أن تقع على هؤلاء مصائب الدنيا و أن يعيش المؤمنون في خير وعافية تثبتهم على إيمانهم؟
سؤال ثالث:- ما سألت يوماً أحداً عن سبب ذل المسلمين إلا و تحجج لي بابتعادهم عن طاعة الله و لكني أفكر ماذا لو كان كل المسلمين أتقياء و مطيعين لله فهل كانوا لينتصروا على الكفار؟ و كيف السبيل إلى التأكد من ذلك و نحن نعرف أنه لن يأتي ذلك اليوم الذي تجتمع فيه كل الأمة الإسلامية على تقوى الله و طاعته لاختلاف الظروف والعقول والأسباب وآلاف الأمور الأخرى؟أليس التحجج بذلك يشبه التحجج بالأمر المستحيل لإثبات غير المثبت؟ أوليس ذلك سبباً لابتعادنا عن البحث في الأمور الحقيقية التي تسبب ذلنا من بين شعوب الأرض قاطبة؟
أستمع إلى بعض المشائخ على شاشات التلفاز يفتون في بعض الأمور التي لا يعاني منها سوى الفقير فيضيقون عليه وأنا أعلم تمام العلم أن هذا المفتي لم يكن فقيراً يوماً ولا احتاج في يوم من الأيام لأن يستدين من إنسان, وأنه لم يجد عسراً أو ضيقاً في زواجه ومعيشته وسكنه ولم يشك يوماً من مرض أو جوع أو فاقة نزلت به أو بأحد من أهله.فكيف أستطيع أن أتقبل فتواه وأسير عليها وهو لا يعلم أدنى علم بما يمر فيه الفقير وما يعايشه و يعاني منه ليلا ونهار؟