السؤال
أود أن أطرح عليكم سؤالا وهو... فى قوله سبحانه وتعالى (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا أنا لله وأنا إليه راجعون)، فما معنى المصيبة وما هى هذه المصائب هل هي فقط الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات هل المرض من المصائب هل الطلاق من المصائب هل الحب والعشق من المصائب فما هي هذه المصائب هل كل ما يبتلى به الإنسان مصيبة، وقول إنا لله وأنا إليه راجعون متى يكون هل عند حدوث المصيبة أو سماع خبر المصيبة وهل قول الإنسان لا إله إلا الله أو لا حول ولا قوة إلا بالله تكفى عن قول إنا لله وإنا إليه راجعون، اعذروني على كثرة الاسئلة والإطالة بارك الله فيكم وسدد خطاكم وجعل ما تقومون به من خدمة للناس وتعليم وتنوير جعلها الله فى ميزان حسناتكم يوم القيامة؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
كل ما يبتلى به المؤمن مما يؤذيه يعتبر مصيبة ولو كان شوكة أو هما أو غما أو غيرهما، والاسترجاع يكون عند حدوث المصيبة أو السماع بها؛ بل يشرع عند تذكرها ولو مضى عليها زمن طويل.. ثم إن الذكر الذي يستحب عند المصيبة بصفة خاصة هو الاسترجاع، فقد جعله الله ملجأ لأهل المصائب وعصمة لهم لما اشتمل عليه من التوحيد والإقرار بالعبودية لله تعالى والإيمان بالبعث بعد الموت، ولا يكفي عنه غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كل ما يبتلى به المؤمن مما يؤذيه يعتبر مصيبة بما في ذلك المرض والطلاق والابتلاء بالعشق بل ولو كان شوكة أو هما أو غما أو غيرهما، والاسترجاع يكون عند حدوث المصيبة أو السماع بها؛ بل يشرع عند تذكرها ولو مضى عليها زمن طويل، قال القرطبي رحمه الله تعالى عند تفسير الآية المشار إليها: المصيبة: كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه، يقال: أصابه إصابة ومصابة ومصاباً، والمصيبة واحدة المصائب.. والمصيبة: النكبة ينكبها الإنسان وإن صغرت، وتستعمل في الشر، روى عكرمة: أن مصباح رسول الله صلى الله عليه وسلم أنطفأ ذات ليلة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقيل: أمصيبة هي يا رسول الله؟ قال: نعم. كل ما آذى المؤمن فهو مصيبة.
قلت: هذا ثابت معناه في الصحيح، أخرج البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن أبي سعيد وعن أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعاً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته.
أخرج ابن ماجه في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن هشام زياد عن أمه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعا وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب. انتهى.
ثم إن الذكر الذي يستحب عند المصيبة بصفة خاصة هو الاسترجاع، فقد جعله الله ملجأ لأهل المصائب وعصمة لهم لما اشتمل عليه من التوحيد والإقرار بالعبودية لله تعالى والإيمان بالبعث بعد الموت، ولا يكفي عنه غيره. قال القرطبي أيضاً: قوله تعالى: قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. جعل الله تعالى هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين، لما جمعت من المعاني المباركة، فإن قوله: إنا لله توحيد وإقرار بالعبودية والملك. وقوله: وإنا إليه راجعون إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا، واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له. قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: لم تعط هذه الكلمات نبيا قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب لما قال: يا أسفى على يوسف... إلى أن قال: أي القرطبي، وروى مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها... قال: وفي البخاري وقال عمر رضي الله عنه: نعم العدلان ونعم العلاوة: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. أراد بالعدلين الصلاة والرحمة.. وبالعلاوة الاهتداء، قيل: إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر، وقيل: إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن. انتهى.
والله أعلم.