السؤال
أنا شاب عمري 33 عاما وأحمد الله على قدر من الالتزام ومراعاة الله فى جميع تصرفاتي إلا أني حاولت أكثر من مرة الزواج ولكن سبحان الله يفشل قبل تمامه لأسباب غير معلومة، مع العلم بأني فى إحدى الأيام كنت قد رأيت رؤيا أني أتزوج من فتاة وأني فى حديقه جميلة وكنت في ذلك اليوم أدعو الله بإخلاص أن يرزقني الشهادة في سبيل الله، ولكني أشعر هذه الفترة بغربه كبيرة عن الصلاة وعن الإيمان لا أدري هل لأني في ظروف صعبه جداً لا أدري، ولكن قلبي ليس كما كان يشعر بحلاوة الإيمان، فهل هذه الظروف هي اختبار من الله أم غضب من الله لشيء ما أو لأن موضوع الزواج سبب لذلك فأرجو أن تفيدوني فى هذه الرؤيا حيث أي فى ذلك اليوم أدعو بإخلاص من كل قلبي أن يرزقني الله الشهادة فى سبيله حيث أني لا أعلم لماذا تعلقت بهذه الرؤيا مع أنها منذ فترة وأشعر أن الله يخفي لي شيئا من فضله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي للمؤمن أن لا ينشغل بما تفسير أسباب ما يقدره الله عليه من قضائه سبحانه وقدره، بل ينشغل بما يريده الله منه، من طاعته وبذل الجهد في مرضاته، فبذلك تتعلق الهمة بطاعة الوقت وينشغل العبد بما ينفعه في دينه ودنياه، وبهذا تعلم أن سؤالك عن الظروف التي تمر بك أهي اختبار أم غضب من الله؟ ليس في محله، فقد تكون لبعض ذلك أو لجميع ذلك، كما يمكن أن تكون زيادة لك في الدرجات أو تمحيصاً للذنوب.
وعلى أية حال فالذي ينبغي لك هو أن تتوجه بكليتك إلى ما أمرك الله به، فإن علاج الفشل أياً كان نوعه يكون بمراجعة الحال مع الله بالتوبة والاستغفار، ثم الاستعانة بالله وحسن الظن به وصدق التوكل عليه ثم لزوم تقواه سبحانه والاستقامة على شريعته، ثم الأخذ بالأسباب وعدم العجز مع لزوم الاستخارة واستشارة ذوي النصح والخبرة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
ونذكرك أخانا الكريم بهذه القاعدة التي أرساها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
كما نذكرك بقول الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وقوله صلى الله عليه وسلم: عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه وحسنه الألباني.
ولا تنس أن سلاح المؤمن الذي لا ينبغي أن يفارقه هو الدعاء واللجوء إلى الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر. رواه الترمذي وحسنه، وحسنه الألباني. وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني.
وأما مسألة الرؤيا التي رأيتها فقد تكون بشرى عاجلة لك بالزواج، أو بما هو خير لك من الزواج وهو استجابة الله لك في حصول الشهادة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات، قال: الرؤيا الصالحة. رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة. رواه البخاري ومسلم..
وعلى أية حال فإن موقعنا ليس من اختصاصه تعبير الرؤى علماً بأنها لا تنبني عليها أحكام.
والله أعلم.