السؤال
أنا عمري 34 سنة, أرجو الزواج من ابنة خالتي الوسطى "حفظها الله" والبالغة من العمر 21 سنة وقد تذكرت العائلة أن جدتي أسأل الله لها الرحمة "أم والدتي" كانت قد قالت: إنها قامت بإرضاعي.
1. بعد سؤال خالاتي وأخوالي الكرام تبين أنهم سمعوا بهذا الشيء لكن لم يحدث أن شاهد أحد منهم بعينه جدتي ترضعني، إلا إحدى خالاتي حيث قالت: إنها قد شاهدت جدتي ترضعني أكثر من خمس مرات ولكن ليست متأكدة إن كانت الرضعات مشبعة أم لا.
2. كان عمرها "خالتي التي رأتني أرضع من جدتي" يومها 11 سنة وفي الصف الخامس الابتدائي.
3. قالت أمي: إن عمري يومها حوالي الستة شهور, حيث ذهبت بي من الموصل إلى بغداد بنية أن تفطمني عند بيت جدي, وهي لم تشاهد جدتي ترضعني بعينها ولا تعلم إن كانت الرضاعة قبل أم بعد الفطم. علما أن جدتي تصرفت بداعي الحنية ولم تسأل أو تستشر أمي أو أبي.
أرجو إفادتي بفتوى شرعية في هذا الزواج إن كان جائزا أم لا ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا ثبت أن السائل قد رضع من جدته التي هي أم لأمه –خمس رضعات مشبعات - فإنه يترتب عليه أن يصبح أخواله وخالاته إخوة له من الرضاع، يحرم عليه أن يتزوج من بناتهم، لأنه قد أصبح لبنات أخواله عماً، ولبنات خالاته خالاً، وقد روى البخاري وغيره عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة: لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة".
أما بالنسبة لما تثبت به الرضاعة، فإن الراجح من أقوال العلماء أنه إذا شهدت امرأة واحدة على الرضاع حرم النكاح إذا كانت مرضية. قال ابن قدامة: وإذا شهدت امرأة واحدة على الرضاع، حرم النكاح إذا كانت مرضية". وذلك لما روى عقبة بن الحارث، قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: وكيف، وقد زعمت ذلك. متفق عليه. وفي لفظ رواه النسائي، قال: فأتيته من قبل وجهه، فقلت: إنها كاذبة، قال: كيف، وقد زعمت أنها قد أرضعتكما، خل سبيلها.
وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة في الشهادة على الرضاع.
وما ذكرته أيها السائل من أن أخوالك وخالاتك سمعوا بأمر هذه الرضاعة، وشهدت خالتك أن جدتك أرضعتك أكثر من خمس رضعات، وأخبرتك أمك أنه عندما ذهبت بك إلى جدتك كان عمرك حوالي ستة شهور،فهذا القدر كاف في ثبوت الرضاعة المحرمة، لذا فإنه يحرم عليك الزواج من بنت خالتك هذه لأنك في هذه الحالة تعتبر خالها من الرضاعة.
أما ما تذكره أنت من أن أمك لا تذكر إذا ما كانت الرضاعة قبل الفطام أم بعده، فهذا غير مؤثر في الحكم لأنه إذا ثبت أن عمرك كان وقتها ستة أشهر، فسواء حصلت الرضاعة قبل الفطام أم بعده فهذا غير مؤثر لأن العبرة بمدة الفطام وهي العامان وليس بالفطام نفسه. قال ابن قدامة – رحمه الله – إذا ثبت هذا، فالاعتبار بالعامين لا بالفطام، فلو فطم قبل الحولين، ثم ارتضع فيهما، لحصل التحريم، ولو لم يفطم حتى تجاوز الحولين، ثم ارتضع بعدهما قبل الفطام لم يثبت التحريم.انتهى كلامه.
وأما قول خالتك: إنها لا تعلم إذا ما كانت هذه الرضعات مشبعات أم لا ؟ فإن هذا أيضا غير مؤثر؛ لأن أمر الشبع هذا أمر خفي غير منضبط ولا اطلاع لنا عليه والعلة إذا كانت خفية فإن الشارع يقيم مقامها أوصافا ظاهرة منضبطة، والوصف الظاهر المنضبط هنا هو: انتهاء المرة من مرات الرضاعة، فطالما شاهدتك أكثر من خمس مرات وأنت ترضع، فهذا في حكم الرضعات المشبعات سواء حصل الشبع أم لم يحصل.
فالواجب عليك هو الانصراف عن الزواج بهذه الفتاة، ونسأل الله سبحانه أن يرزقك زوجة صالحة
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 13931.
والله أعلم.