الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عليكم بصلة خالتكم بالطريقة المناسبة وانصحوا أمكم بعدم قطيعة أختها

السؤال

سؤالي يخص صلة الرحم فمنذ فترة حدثت مشكلة بين والدتي وخالتي أدت إلى قطع الرحم بينهما, حيث إن والدتي نصحت خالتي بإلباس بنتها الحجاب ونهتها عن بعض المنكرات ولكنها رفضت وقامت خالتي بالطلب من والدتي أن تقطع الصلة معها, وأمرتنا والدتنا بأن نقطع زيارتنا لها والتواصل معها على إثر ذلك فما هو الحل؟؟ علما أن خالتي هي الراغبة بقطع الرحم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن صلة الرحم واجبة وقطعها حرام؛ لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ{محمد:22-23}

وعن أبى هريرة أن رجلا قال يا رسول الله: إن لى قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك .رواه مسلم .

وما كان ينبغي لخالتك إذ ذكرتها أمك بالله وبأوامره أن تقاطعها، وما كان لها أن تقابل النصيحة بهذا التصرف، فحال المؤمن أنه إذا ذكر بالله تذكر، وإذا دعي إلى الله أجاب قال سبحانه : إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51}.

وأما أن يغضب الإنسان ويثور عندما يذكر بالله فهذا ليس من صفات أهل الإيمان، قال سبحانه حكاية عن أهل النفاق: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ {البقرة:206}

والمؤمن ينأى بنفسه عن صفات أهل النفاق.

ولكن كان على أمك أن تقابل هذا التصرف من أختها بالصبر والحلم، فإن الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر الداعي إلى الله جل وعلا ينبغي له أن يعود نفسه الصبر والاحتساب، فالأذى ملازم للأمر بالمعروف، وقد قال لقمان لابنه – فيما قص القرآن – يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17},

فينبغي لأمك أن تصبر وألا تقابل السيئة بمثلها، وألا ترد على هجران أختها بالمثل . ولا يحل للأم أن تأمر أبناءها بمقاطعة خالتهم ولا بهجرها، ولا يلزمهم طاعتها في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

فعليك بنصيحة أمك ألا تسلك سبيل القطيعة والهجران، ثم عليك وإخوتك بصلة خالتكم ما استطعتم، فإن أصرت الأم على موقفها من أختها، وغضبت منكم بسبب الصلة، فلكم أن تصلوا خالتكم دون علمها، وإن أصرت الخالة على القطيعة ورفضت استقبالكم في بيتها، فعند ذلك يمكنكم الاكتفاء بالسؤال عنها بالهاتف إلى حين، لعل بعد ذلك أن تتغير النفوس وتنصلح الأحوال .

وللفائدة تراجع الفتاوى رقم : 7683، 10138، 11449.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني