السؤال
ما معنى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لن تموت نفس قبل أن تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه في غير طاعة الله فما عند الله لا يؤخذ إلا بطاعته. رفعت الأقلام وجفت الصحف؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذان حديثان: الأول إلى قوله: إلا بطاعته. رواه الطبراني في معجمة الكبير وصححه الشيخ الألباني. والثاني قوله رفعت الأقلام وجفت الصحف. وهو قطعة من حديث ابن عباس المشهور وأوله: يا غلام إني أعلمك... الحديث. رواه الإمام أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح وصححه الألباني.
وأما عن المعنى فقال المناوي في شرح الحديث: إن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها. الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها فلا وجه للوله والتعب والحرص والنصب إلا عن شك في الوعد، وتستوعب رزقها كذلك فإنه سبحانه وتعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه القديم الأزلي، ولهذا سئل حكيم عن الرزق، فقال: إن قسم فلا تعجل، وإن لم يقسم فلا تتعب (فاتقوا الله) أي ثقوا بضمانه، لكنه أمرنا تعبداً بطلبه من حله فلهذا قال: وأجملوا في الطلب. بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام، والشبهات (ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق) أي حصوله (أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده) من الرزق وغيره ( إلا بطاعته). انتهى من فيض القدير.
أما قوله: رفعت الأقلام وجفت الصحف فهو كما في جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب: كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها والفراغ منها من أمد بعيد، فإن الكتاب إذا فرغ من كتابه ورفعت الأقلام عنه وطال عهده فقد رفعت عنه الأقلام وجفت الأقلام التي كتب بها من مدادها وجفت الصحف التي كتب فيها بالمداد المكتوب به فيها، وهذا من أحسن الكنايات، وأبلغها وقد دل الكتاب والسنن الصحيحة الكثيرة على مثل هذا المعنى. انتهى..
وهناك فتاوى أخرى متعلقة بهذين الحديثين حبذا لو تراجع، وذلك تجده في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26158، 27373، 28483، 61976.
والله أعلم.