السؤال
لي أخ شقيق باع لي قطعة أرض بتوكيل رسمي عام في عام 2001 وكان يعطيني فوائد على المبلغ حتى عام 2004 ثم انقطع عن الفوائد ولا يريد إعطائي حقي في المال الذي باع به، لبعض خلافات عائلية فهل من حقه عدم إعطائي لمالي الذي أئتمنته عليه غدراً وليس أكثر من ذلك، وهل أكون أنا قاطعا للرحم ذلك لأني لا أريد أن تكون بيني وبينه علاقات خاصة وأن ما فعله قد عاد علي بآثار سلبية خطيرة في حياتي وكان سببها أن طلقت زوجتي لعدم قدرتي على شراء شقة فالمبلغ الذي أخذه جراء البيع كان مبلغاً كبيراً يكفي لشراء شقة آنذاك، وحتى لو أعطاني هذا المبلغ الآن.. فلن يكون كافياً لشراء حتى غرفة واحدة، فأرجوكم أن تفيدوني بالإجابة الشافية، أولاً: حول موقف أخي الشقيق تجاه ما فعله حتى ولو كان له مبلغ من المال لدي. ثانياً: حول صلة الرحم وأني قد تأثرت نفسياً مما فعله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التعامل الذي بينك وبين أخيك لم يتضح لنا بشكل كاف، فقد فهمنا منه أنه بدأ بتوكيلك له لبيع القطعة الأرضية، وقد باعها، ثم لم ندر ما وجه بقاء الثمن لديه؟ هل هو على وجه القرض فيحرم أخذك الفوائد عليه، لأن أخذ الفوائد على القرض حرام إجماعاً، وفي هذه الحالة تخصم من مبلغ القرض الذي لك عليه ويكون لك الباقي، أو هو على وجه المضاربة؟ والفوائد التي ذكرت تعني حاصل نصيبك المحدد من الربح، وليست مبالغ مقطوعة فيكون جائزاً.
وعلى كل تقدير فما كان لك من حق مشروع لم يجز لأخيك جحده ولا المماطلة به بسبب الخلافات العائلية لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وأبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم.
لكن إذا كان له عليك دين وامتنعت من أدائه إليه فله الحق في أن يأخذ مما قدر عليه من مالك بقدر حقه بدون زيادة، وهذا هو ما يسمى بالظفر، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 18260.
فإذا كان هذا هو الذي وقع منه بحيث أخذ حقه دون زيادة من الدين الذي لك عليه فهو معذور ولا وجه لغضبك عليه. وعلى كل حال... فلا ينبغي أن يكون تصرفه سبباً في قطعك لرحمه لأن صلة الرحم واجب مستقل لذاته، ولا يناط بالمكافأة، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. فكل هذا يدل على أن الأفضل أن تتمادى في الحفاظ على صلة رحمه على الرغم مما قام به، والنصيحة أن تصطلح أنت وأخوك صلحاً يحسم النزاع بينكما حتى لا يتطور النزاع إلى شقاق يؤدي إلى التقاطع والتدابر بينكما.
وننبه إلى أن الدين يقضى بمثله دون اعتبار بتغير الأسعار عند جمهور أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20224، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 64597، والفتوى رقم: 10138.
والله أعلم.