السؤال
أنا في الثالثة والعشرين ومخطوبة منذ خمس سنوات والآن أهل خطيبي يرفضونني ويريدون أن يزوجوه بنت عمه، لأنه صاحب مال وخطيبي رافض لذلك، ووالدته كانت معي وتحبني وفجأة بناتها غيروها من ناحيتي، وقالت لي (لو ابني ماشي في موضوع الزواج هذا فلا أحضر الفرح ولا هو ابني ولا أريد أن أعرفه) وهو يحبني جداً، وقال لي أنا رحيم بك وكفاية أنك صبرت معي كل السنين هذه، وأنا لا أتركك وهو حالياً مسافر، وقال لي أنا سآتي لأكتب الكتاب لكي لا يتكلم أحد وتكوني زوجتي، وأنت من المؤكد أنه جاءتك فرص كثيرة وضاعت منك، وأنا سوف أعوضك عن كل هذا، فسؤالي هل يجوز أن يتزوج من غيري رضى لأهله، مع العلم بأنهم هم من تقدموا لخطبتي واتفقوا مع أهلي على كل حاجة، وبعد المدة الطويلة هذه يقولون لا تتم هذه الخطبة، وخطيبي يريدني وهم يريدون ابنة عمه وهو لا يريدها، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج الرجل من غير رضى أبويه يعد زواجاً صحيحاً لا شبهة فيه البتة، لأن صحة زواج الرجل غير مشروطة بموافقة أبويه، إلا أنه من الأحسن بل ومن البر طلب موافقتهما.
ولا ينبغي لأم خطيبك أن تفعل ما فعلت من غير مسوغ شرعي، وليس لها أن تجبر ابنها على الزواج من ابنة عمه التي لا يريدها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد فلا يكون عاقاً كأكل ما لا يريد. انتهى.
وليس لها أيضاً أن تمنعه من الزواج بمن يريد، قال ابن قدامة في المغني في حق الفتاة التي يمنعها وليها من الزواج بمن تريد: فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها وامتنع من تزويجها من الذي أرادته كان عاضلاً لها. انتهى.
فإن كان الولي لا يحق له منع المرأة من الزواج بمن تريد من الرجال، ووجوده شرط في صحة النكاح، فمن باب أولى لا يحق للأم منع ابنها من الزواج بمن يريد لأن الرجل البالغ الرشيد لا ولاية لأحد عليه في النكاح، ومع ذلك فإنا نوصي الابن بالصبر على أمه والحرص على برها وإرضائها بكل سبيل، ويمكنه أن يوسط أهل الخير من الأقارب وغيرهم ممن لهم مكانة عند الأم حتى يحاولوا إقناعها بذلك، فإن استجابت وإلا فينبغي للابن أن يطيعها ويترك الزواج بمن لا ترضاها طاعة لأمه إذا لم يلحقه من ذلك ضرر، أما إذا كان الابن سيتأذى من ترك هذه الفتاة وسيلحقه ضرر من ذلك، كأن كان قد تعلق قلبه بها مثلاً ويخشى على نفسه من الوقوع معها في الحرام، عند ذلك يجوز له الزواج بها ولو لم توافقه أمه، ولكن إذا فعل وتزوج دون موافقتها فعليه بعد ذلك أن يبذل جهده لاسترضائها بكل طريق، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6563، 96131، 23084.
والله أعلم.