الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأولاً: نوصي أخاك بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم من استوصاه، فقد روى أبو هريرة أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب فردد مراراً قال: لا تغضب. أخرجه البخاري وغيره.
وذلك أن الإنسان إذا غضب فقد السيطرة على نفسه فقد يتصرف تصرفاً يورثه الندم والحسرات.
وأما حلف أخيك بالطلاق في قوله (عليَ الطلاق لا يرجعك إلا الذي أخذك ) فقد اختلف العلماء في وقوع الطلاق إذا حصل ما علق عليه.
فذهب الجمهور إلى أنه يقع لأنه طلاق معلق بشرط، فيقع بوقوع الشرط، وعلى هذا المذاهب الأربعة، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق، لأن الحالف يريد الزجر والمنع، وهو كاره للطلاق، فهي يمين فيها الكفارة.
وقد سبق بيان المذهبين وأدلة كل مذهب بالتفصيل في الفتوى رقم : 11592، فعليك بمراجعتها.
ولا شك أن الراجح هو رأي الجمهور.
وعلى القولين فينبغي هنا النظر إلى نية الزوج وقصده بهذا اليمين، فإن كان يقصد أنه لا بد وأن يرجعها من أخذها فإن الطلاق يقع في هذه الحالة على قول الجمهور، أو يكون قد حنث عند شيخ الإسلام ومن وافقه، وتجب عليه كفارة يمين.
وأما إن كان قصده أنه لن يرجعها هو ولا مانع من أن يرجعها أي أحد غيره سواء كان من أخذها أو غيره، فإن الطلاق في هذه الحالة لا يقع ولا يحنث لأنه لم يرجعها بنفسه، وذلك لأن النية تخصص العام وتقيد المطلق في باب اليمين، قال صاحب المبسوط من الحنفية: ولو حلف لا يأكل طعاماً ينوي طعاماً بعينه أو حلف لا يأكل لحماً ينوي لحماً بعينه فأكل غير ذلك لم يحنث. انتهى.
وقال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وخصصت نية الحالف وقيدت إن نافت وساوت.
قال شارحه صاحب مواهب الجليل: يعني أن النية تخصص العام وتقيد المطلق إذا صلح اللفظ لها.
وقال صاحب كشاف القناع الحنبلي: وإذا حلف ليفعلن شيئاً ونوى وقتاً بعينه كيوم أو شهر أو سنة تقيد به لأن النية تصرف ظاهر اللفظ إلى غير ظاهره. انتهى.
وأما بالنسبة لما قمت به أنت فقد كانت نيتك صالحة في عدم خلوتها بزوج أختها ؛ لأنه ليس من محارمها، ولكنك وقعت في الأمر نفسه حينما قمت أنت بإرجاعها لأنك أيضا لست من محارمها، وكان ينبغي أن يرجعها زوج أختها الذي أخذها، ويصحبه أحد من محارمها حتى تنتفي الخلوة المحرمة، إذا كان ذلك قصد الزوج.
أما إذا كان قصده أن يرجعها أي أحد سواه فهنا يرجعها أحد من محارمها.
وننصحكم بمراجعة المحكمة الشرعية لديكم أو أن تشافهوا بهذه الواقعة بعض أهل العلم.
وللفائدة تراجع الفتويين: 19612، 7665.
والله أعلم.