السؤال
دائما تحدث خلافات بيني وبين زوجي فهو يغضب لأتفه الأسباب وبالأمس حدث شجار بيني وبين زوجي وقام وأفطر ولم يتم صيامه، فهل علي ذنب إفطاره كما أنه أفطر اليوم أيضا ولا أعلم إلى متى سيظل مفطراً فى أيام رمضان، فهل علي أن أترك له البيت لعله عندما يجلس مع نفسه يشعر بالقرب من ربه ولا يعاندني على حساب نفسه، وهل إذا أعددت له الطعام فى نهار رمضان أكون شاركته الإثم، علما بإني إذا لم أعد له الطعام سيتشاجر معي ويضربني، بماذا تنصحوني مع زوج لا يرضيه شيء قد أكون مخطئة فأنا لست ملاكاً، ولكنه زوج لا يحبني يعيب على شكلي ولا أعجبه وكأني خلقت نفسي يريدني بيضاء جميلة وكأني الذي طلبت منه أن يتزوجني وكأنه لم يراني، فهل خلقت بيدي، وهل من حق الجميلة فقط أن تنعم بحب الزوج والتدليل وأنا لا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الفطر في نهار رمضان بغير سبب شرعي كبيرة من الكبائر، وإثم عظيم يحرم الإقدام عليه، فإن تعمد الفطر انتهاك لحرمة هذا الوقت العظيم ومخالفة لأمر الله تعالى في قوله: ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ {البقرة:187}، قال الذهبي في الكبائر: وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والإنحلال. انتهى.
ويجب على هذا الرجل أن يبادر إلى التوبة وأن يكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة عسى الله أن يتوب عليه ويغفر له ذنبه ، وعليه أن يقضي ما أفطر من الأيام.. والواجب عليك أيتها الزوجة أولاً أن تبتعدي عما يغضب زوجك ويهيجه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ثم عليك أن تنصحيه بخطورة الإفطار في رمضان بدون عذر وأن هذا مما يوجب سخط الله سبحانه، وأما بالنسبة لترك البيت فلا يجوز لك ذلك إلا بإذن الزوج فإن أذن لك في الخروج وإلا فلا تخرجي إلا بإذنه، قال ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها بإتفاق الأئمة. انتهى.
ولا يجوز لك أن تحضري له الطعام وقت الصيام لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عن ذلك بقوله: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، ولكن إن خفت أن يلحقك منه ضرر إن لم تفعلي كأن يضربك مثلاً كما ذكرت فلا حرج عليك حينئذ ويعتبر هذا من باب الإكراه، ولكنا نقول لك إن لم ينته زوجك عن هذا الفعل وأصر على الإفطار في نهار رمضان فينبغي لك أن تطلبي منه الطلاق، لأن استمراره ومداومته على هذا الفعل يدلان على ضعف دينه، بل وقد شكك بعض العلماء في إسلامه، وقد تقدم قول الذهبي في ذلك، وأما ما يفعله من تقبيح لك ولصورتك فهذا حرام، لأن الخالق هو الله وذم الخلق في أشكالهم وصورهم يعود إلى ذم الخالق جلا وعلا، وهو مخالفة صريحة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء في سنن أبي داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال: قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منهن وما نذر، قال: ائت حرثك أنى شئت وأطعمها إذا طعمت واكسها إذا اكتسيت ولا تقبح الوجه ولا تضرب. قال الألباني: حسن صحيح.
جاء في عون المعبود: (ولا تقبح الوجه) بتشديد الموحدة أي لا تقل إنه قبيح أو لا تقل قبح الله وجهك أي ذاتك فلا تنسبه ولا شيئاً من بدنها إلى القبح الذي هو ضد حسن لأن الله تعالى صور وجهها وجسمها وأحسن كل شيء خلقه وذم الصنعة يعود إلى مذمة الصانع. انتهى.. وللفائدة في الموضوع راجعي الفتوى رقم: 100016.
والله أعلم.