السؤال
يقال إن أخذ المشيمة والحبل السري من امرأة نفساء ووضعهما في الملح ثم تنشيفهما وطحنهما تم تناولهما من قبل مريض السرطان يشفيه من هذا المرض، سؤالي: ما حكم تناول هذه الوصفة بغرض الشفاء؟
يقال إن أخذ المشيمة والحبل السري من امرأة نفساء ووضعهما في الملح ثم تنشيفهما وطحنهما تم تناولهما من قبل مريض السرطان يشفيه من هذا المرض، سؤالي: ما حكم تناول هذه الوصفة بغرض الشفاء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الآدمي محرم أكله كما نص على ذلك الفقهاء، فلا يحل أكل شيء منه مشيمة أو غيرها، لا للتداوي ولا لغيره، ولم يجعل الله تعالى شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها، كما ورد في الحديث الشريف، وقد ذكر ابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد في هديه صلى الله عليه وسلم في المنع من التداوي بالمحرمات جملة من الأحاديث بهذا الخصوص، ومنها الحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره عن طارق بن سويد الحضرمي رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها، قال: لا، فراجعته، قلت: إنا نستشفي للمريض، قال: إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء.
ثم قال ابن القيم عقب ذلك: المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا، أما الشرع فما ذكرنا من هذه الأحاديث وغيرها ، وأما العقل، فهو أن الله سبحانه إنما حرمه لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبا عقوبة لها، كما حرمه على بني إسرائيل بقوله: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا، وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه، وتحريمه له حمية لهم، وصيانة عن تناوله، فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها، لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.
وأيضا فإن تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق، وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع، وأيضا فإنه داء كما نص عليه صاحب الشريعة، فلا يجوز أن يتخذ دواء.
وأيضا فإنه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث، لأن الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بينا، فإذا كانت كيفيته خبيثة، اكتسبت الطبيعة منه خبثا، فكيف إذا كان خبيثا في ذاته، ولهذا حرم الله سبحانه على عباده الأغذية والأشربة والملابس الخبيثة، لما تكسب النفس من هيئة الخبث وصفته.
وأيضا فإن في إباحة التداوي به، ولا سيما إذا كانت النفوس تميل إليه ذريعة إلى تناوله للشهوة واللذة، لا سيما إذا عرفت النفوس أنه نافع لها مزيل لأسقامها جالب لشفائها، فهذا أحب شيء إليها، والشارع سد الذريعة إلى تناوله بكل ممكن، ولا ريب أن بين سد الذريعة إلى تناوله، وفتح الذريعة إلى تأوله تناقضا وتعارضا.
وأيضا فإن في هذا الدواء المحرم من الأدواء ما يزيد على ما يظن فيه من الشفاء، ولنفرض الكلام في أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط ، فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء، وكثير من الفقهاء والمتكلمين. قال أبقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة : ضرر الخمرة بالرأس شديد. لأنه يسرع الإرتفاع إليه. ويرتفع بارتفاعه الأخلاط التي تعلو في البدن، وهو كذلك يضر بالذهن. انتهى.
ومن أراد المزيد فليراجع كلامه في الهدي.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني