السؤال
أحد الإخوة ظهر في يد ابنه ثئلول وقد قام بعلاجه بطريقة بأن ذهب إلى إحدى النساء (وممن يعرف عنها بأنها تعالج هذا المرض ) فقامت بعلاجه بالطريقة التالية عدت عدد الثئاليل الموجودة في الطفل ثم سألت والده عن اسم أمه ثم قالت لوالده اذهب فإنه بعد مدة من الزمن (أسبوعين وحتى شهر ) سوف تختفي هذه الثئاليل فقلت لصديقي إن هذا من السحر والشعوذة فقال من كان في الجلسة لا هذا من العلاج المباح وقال أحد الإخوة بأن الطريقة التي يقومون بها بأن يضع المعالج حبات من القمح أو الشعير بعدد حبات الثئاليل ثم تدفن بحبة باذنجان ثم تدفن في الأرض وبعد تحللها يشفى المرض وقد شفي ابن صديقي علما بأن أحدا من الموجودين لم يعرف هل يقرأ عليها شيئا من القرآن الكريم أو أدعية مأثورة أو حتى طلاسم علما بأن هذه المرأة المعالجة عجوز ويعرف عنها بأنها تصلي وتصوم وحجت بيت الله الحرام أكثر من مرة ولا تأخذ أجرا مقابل هذا العمل ولكن هذه الطريقة يبدو أنها ورثتها وراثة ولم تستخدم اي نوع من طرق العلاج كالرقية او الحجامة او حتى الكي بالنار أو العلاجات التي تستخرج من الأعشاب أو الكيماوية الحديثة، أفيدونا جزاكم الله خيرا وإن كان هذا من السحر والكهانة فماذا يفعل من تعالج بهذه الطريقة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد شرع الله لعباده التداوي فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تداووا عباد الله فإن الله ما أنزل داءً إلا وأنزل له دواءً إلا الهرم. والتداوي له طريقان لا ثالث لهما، أحدهما: ما كان معتمدا على الحس والتجربة وهذه وظيفة الأطباء بما علمهم الله إياه من معرفة المركبات التي تؤثر في إزالة الأمراض. والطريق الثاني: هو الطريق الشرعي وهو التداوي بالقرآن والرقى النافعة، فقد قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء :82 }.
وقد اشتهرت قصة الصحابة الذين رقوا اللديغ بالفاتحة وهي في الصحيح، وكل علاجٍ خرجَ عن هذين الطريقين فإنه دجلٌ وشعوذة، وكون فاعله لا يأخذ أجراً ليس بمقتضٍ لكونه على صواب، فإن كثيراً من الدجالين والمشعوذين قد يتركون أخذ الأجرة لما يحصلُ لهم بذلك من الشهرة في الناس وحصول الثناء الحسن عليهم، وهذا لدى الكثيرين عوضٌ أعظم خطراً من المال، وكون فاعل ذلك يُحافظ على الصلاة والصوم لا يُزيل عنه وصف الدجل والشعوذة، فإنه قد يفعلُ ذلك تلبيساً على الناس، وقد يكونُ هو جاهلاً لا يدري أن ما يفعله خُرافةٌ وشعوذة فيحتاجُ إلى تعليمٍ وتفهيم.
وقد يكونُ ممن يظنُ نفسه على صواب فيصدق فيه قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا { الكهف: 103، 104}
وكون الشفاء قد يحصل أحياناً بمثل هذا الدجل لا يسوغُ الاستعانة بهؤلاء الدجاجلة أو اعتقاد أنهم على صواب، فإن الله تعالى قد يُجري على أيديهم شيئاً من ذلك امتحاناً لعباده ليبلوهم أيهم أصدق إيماناً به وتوكلاً عليه، وقد يكونُ الشفاءُ حصل بسببٍ آخر وتزامن هذا السبب مع دجلِ هذا المشعوذ فنشأ الاعتقادُ بأن الشفاء إنما حصل بفعله، وقد يكونُ الشفاءُ حصل بسببٍ محرم كاستعانة هذا الدجال بالجن والشياطين اللذين قد يُجري الله على أيديهم بعضَ الخوارق فتحصلُ الفتنة لذوي القلوب المريضة، وانظر الفتوى رقم: 41750.
وبه تعلم أن الظاهر من حال هذه المرأة أنها من هذا الصنف الذي غلبت عليه الخرافة فعدلَ عن التداوي بالطرق الشرعية إلى الطرقِ المحرمة البدعية، وإلا فما علاقة اسم الأم بالشفاء من المرض، وهذه علامةٌ بارزة في عامة المشعوذين وهي حرصهم على معرفة اسم الأم، والظاهرُ أنه علامةٌ بينهم وبين الشياطين الذين يستعينون بهم في العلاج، وانظر الفتوى رقم: 6347، ثمّ ما أثرُ الباذنجان وحبات القمح في حصول الشفاء، فإن زعم فاعلُ هذا أنه معروفٌ بالحس والتجربة فقد كذب على الواقع، أي علاقة علمية بين هذا وذاك فإن لم توجد - وذلك الحاصل- فإن أطباء الدنيا كلها سيكونون شاهدين بكذبه وبهتانه، وإن زعم أنه طريق شرعيٌ للعلاج فذلك أدهى وأمر فإنه كذبٌ على رب العالمين، وشرعٌ في الدين لما لم يأذن به الله.
وعليه فالنصيحةُ لكم أن تجتهدوا في نصيحة هذه المرأة علها تتوب إلى الله فتحسن خاتمتها ، وأن تحذروا الناس من إتيانها وأمثالها إن أبت التوبة فإن إتيان أمثال هؤلاء الدجاجلة خرقٌ في الدين وثلمٌ في جدار العقيدة ، ومخالفةٌ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في التداوي، ولإجماع علماء المسلمين، وفتحٌ لذرائع البدع بل الشركِ على مصارعها، وعلى من ذهب إلى هذه المرأة للتداوي التوبة النصوح، فإنه قد أتى ما يُسخط الله عز وجل، ثم النصيحة لعموم المسلمين هي تعلم العلم النافع الذي به تحيا القلوب، وتُسد ذرائع الشر وتُغلقُ أبواب الفتن.
والله أعلم.