السؤال
زوجي من الذين يتصفون بطلب العلم والدعاة إلى دين الله وربما قد يسأل فيفتي في بعض المواقع عبر الانترنت غير أني لاحظت في فترة غير قصيرة أنه يشاهد الصور الخليعة التي فيها النساء و يقرأ في المواقع الإباحية، أحزنني وأغضبني ذلك كثيرا، ففي البداية حاولت نصحه بار سال رسائل الجوال يذكره بالله لكنه استمر على ذلك و كلما خرجت من البيت عند رجوع يصدمني أنه فعل ذلك مرة أخرى، توقفت من خروجي في محاولة أن لا يفعل ذلك لكن بدأ يفعل ذلك وأنا موجودة إن خرجت من الغرفة. ثم واجهته فأنكر وضربني وإلى الآن يفعل ذلك إلا أنه يحاول أن يخبئ آثاره لكني أجدها دائما. كرهته لأجل ذلك فأرجو منكم نصحي وهل يجوز لي الخلع في مثل هذه الحالة لا أطيق سمعه ونظره و خاصة عندما يخاطبني في الأمور الدينية علما بأن لدي ثلاثة أولاد منه، هل يجوز أخذ الدين منه وما حكمه في الشرع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصحك أيتها السائلة بمداومة نصح زوجك، واحرصي في ذلك على توخي أعلى درجات اللطف والتودد, فذكريه بالله وعظمته واطلاعه على خلقه، وأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء, وأنه ينبغي للمؤمن أن يستحي من الله سبحانه أن يراه حيث نهاه, وأنه إذا كان هذا الأمر منكرا بشعا لا يسامح فيه آحاد الناس وعوامهم فهو من مثله أبشع وأقبح, فهو الذي يأمر الناس بتقوى الله ويفتيهم في أمور دينهم ويعرفهم الحلال والحرام, وقد قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ , كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف:2، 3}
قال السعدي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به، فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه، قال تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ. وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه . انتهى.
فإن لم يستجب مع ذلك فيمكنك حينئذ أن تختلعي منه لأن الله تعالى بحكمته ورحمته كما أعطى الرجل الحقّ في الطلاق إذا كره المرأة واستحالت الحياة بينهما، فكذلك أعطى المرأة الكارهة لزوجها والنافرة منه حق طلب الاختلاع والافتداء منه بمال تعرضه عليه، لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ {البقرة:229}.
يقول الإمام ابن قدامة: إن المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها. المغني.
ويقول ابن كثير: إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل، وأبغضته، ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها. تفسير ابن كثير .
وليعلم هذا الزوج أنه إن لم يتب من فعله هذا فقد سقطت عدالته فلا تقبل شهادته ولا يستفتى في أمور الدين ؛ لأن من شروط المفتي العدالة، قال ابن حمدان في كتاب صفة الفتوى والمفتي والمستفتي: أما اشتراط إسلامه وتكليفه ( أي أن يكون بالغاً عاقلاً ) وعدالته فبالإجماع؛ لأنه يخبر عن الله تعالى بحكمه ، فاعتبر إسلامه وتكليفه وعدالته ؛ لتحصل الثقة بقوله ويُبنى عليه كالشهادة والروايـة . انتهى.
وللفائدة تراجع الفتويين: 20199, 37112.
والله أعلم.