السؤال
تعرفت على شخص قدم لي خدمة مقابل ثمن وبدوري عرفت صديقتي عليه وقدم لها نفس الخدمة مقابل ثمن نجح الأمر الذي ساعدنا فيه وبعد فترة قامت صديقتي بجمع فلوس لهذا الشخص من أقاربها لكي يقدم لهم خدمات من تعين لهم وفرص عمل لكن كنت أوصل أنا النقود بعد قترة تعرض الشخص لخسارة ولم يؤمن لهم لا فرص العمل ولا النقود وصديقتي جعلت اللوم يقع علي لأنها عرفته عن طريقي وأنا تهربت من الموضوع وشبت مشاكل بيني وبينها وقامت تتكلم عني كلاما سيئا لكني لم أساعدها لأنها أضرت بي بكلامها هل الله يعاقبني ولكن والله كنت أنوي فائدتها عندما عرفتها على هذا الشخص لكي يساعدها والله على ما أقول شهيد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبهك إلى أن التعارف وتكوين الصداقات بين النساء والرجال مما لا يجوز في دين الله إذ هو بريد الزنا وذريعة الفاحشة والفساد, وهو باب كبير من أبواب الشيطان لإغواء بني آدم وإيقاعهم في الرذيلة والفساد, ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
ومن رأى افتتان الشباب بالنساء، وكثرة ما يقع من الشر بمصادقتهن، أو النظر إليهن، أو التعامل معهن علم صدق نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، وكمال شفقته ورحمته بهم.
لكن إذا كانت هناك حاجة أو ضرورة لمثل هذا التعامل فإنه لا بأس به بضوابط سبق بيانها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3672 ، 18213 ، 1072 .
أما بالنسبة لما ذكرت من دفع مال لهذا الشخص لقضاء بعض المصالح وتسهيل بعض الأمور وتوفير فرص عمل ونحو ذلك, فهذا مما يختلف حكمه باختلاف ما يقوم به من عمل فإن كان ما يقوم به من باب التدخل في مصالح الناس العامة ليؤثر بها بعض الناس دون بعض, فهذا حرام؛ لأنه داخل في الرشوة المحرمة التي هي من كبائر الذنوب لقول الرسول الكريمصلى الله عليه وسلم : لعن الله الراشي والمرتشي, ولكن يجوز دفع مثل هذا المال للحصول على فرصة عمل أو الوصول لحق ونحو ذلك إذا كانت الوظيفة مباحة، وكان باذل المال على يقين من أحقيته لهذه الوظيفة ، وليس غيره أولى بها ، ولم يتمكن من الحصول عليها أو على حقه إلا ببذل هذا المال فلا بأس حينئذ ببذله، ولا يعد ذلك رشوة في حقه، فإن الرشوة هي ما أعطي لإحقاق باطل، أو إبطال حق، أما ما أعطي لإحقاق حق، أو إبطال باطل فليس برشوة بالنسبة للدافع، وإن كان رشوة بالنسبة للآخذ.
وتفريعا على ذلك يتبين حكم ما قمتم به, فإن كان هذا البذل محرما لكونه رشوة فقد أثمتم جميعا لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان وقد قال سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
أما إذا كان هذا البذل للمال مباحا فلا إثم عليك حينئذ فيما حدث للمال من ضياع لأنك قد أردت لهم النفع, وليس عليك ضمان هذا المال.
وعلى كل فأنت لست ضامنة لذلك المال ما دام دورك هو إيصال المال حتى ولو كنت أخبرتها بأنه ثقة.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9431 ، 11945 ، 23215 ، 11046 ، 103805 .
والله أعلم.