السؤال
هل يجوز الصوم للمتوفاة لتعويض أيامها ولكن الصيام بأيام زائدة لعدم معرفه عدد الأيام بالضبط مع العلم أنه لا تجمع بيننا صلة قرابة؟
هل يجوز الصوم للمتوفاة لتعويض أيامها ولكن الصيام بأيام زائدة لعدم معرفه عدد الأيام بالضبط مع العلم أنه لا تجمع بيننا صلة قرابة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صوم صام عنه وليه. وهذا الحديث دليل واضح على مشروعية الصوم عن الميت إذا مات وعليه صوم، وسواء كان هذا الصوم صوم نذر أو مفروضاً بأصل الشرع، وهو ما رجحه النووي في شرح المهذب، فإذا مات إنسان ولم يكن تمكن من القضاء فإنه لا يصام عنه ولا يطعم عنه، وأما إن كان تمكن من القضاء فالمشروع لوليه استحباباً أن يصوم عنه، وقد وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 76640 .
وإنما قلنا بالاستحباب لما في رواية عند البزار: فليصم عنه وليه إن شاء، ولقوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {فاطر:18}، إذا تبين هذا فقد اختلف أهل العلم هل يجوز أن يصوم غير الولي عن الميت أو لا، وجواز أن يصوم غير الولي عن الميت هو الذي مال إليه البخاري، ووجه ترجيح هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالدين، والدين يصح قضاؤه من كل أحد، وإنما ذكر الولي لكونه الغالب، ولأن الراجح جواز هبة ثواب العبادات البدنية للموتى فزالت شبهة المانع إذا وافق على هذا الأصل، وقد حرر الحافظ الخلاف في المراد بالولي وفي جواز أن يصوم غير الولي عن الميت فقال في الفتح: اخْتَلَفَ الْمُجِيزُونَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ وَلِيُّهُ فَقِيلَ كُلُّ قَرِيبٍ، وَقِيلَ: الْوَارِثُ خَاصَّةً. وقِيلَ: عَصَبَتُهُ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ، وَيَرُدُّ الثَّالِثُ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْ عَنْ نَذْرِ أُمِّهَا .
قَالَ: وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَلِيِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَابَةِ فِي الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ ، فَكَذَلِكَ فِي الْمَوْتِ إلَّا مَا وَرَدَ فِيهِ الدَّلِيلُ ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا وَرَدَ وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصْلِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ .
وَقِيلَ : لَا يَخْتَصُّ بِالْوَلِيِّ ، فَلَوْ أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَجْزَأَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ اسْتِقْلَالُ الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْوَلِيَّ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ .
وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ اخْتِيَارُ هَذَا الْأَخِيرِ، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَقَوَّاهُ بِتَشْبِيهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَرِيبِ. انتهى.
وما رجحه الحافظ قد عرفت الجواب عنه، لكن الأحوط أخذ الإذن من القريب، وإذا صيم عن هذه المرأة فإنه يصام عنها بالتحري وغلبة الظن، وإن زاد شيئاً فثوابه لها يبلغها وتنتفع به كما هو الصحيح من قولي العلماء.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني