السؤال
أنا شاب متزوج منذ عامين وأعول ولدا، والحمد لله. تكمن مشكلتي في أن الخلاف بين أهلي وزوجتي دائم. أهلي يمسكون على كل صغيرة وكبيرة، ويعاملونها على أنها أخذتني منهم، وكثرت المشاكل الكثيرة التي أغلبها ما تكون مشاكل تافهة إذا صح التعبير، والآن أنا اعمل في دولة قطر، وأنا مصري أهلي ينتظرون أن أرسل لهم ما تبقى من راتبي بعد مصاريفي، كما يفعل أخي الذي يستقل بشقته، وزوجتي تريد راتبي، لكي نفعل شيئا، كشراء شقه أو خلافه حتى مصاريف زوجتي لا يريد والدي أن أرسلها لها إلا عن طريقه، فهي الآن عند بيت أهلها، وتذهب كل فترة لأهلي، وأنا لا أدري ماذا أفعل؟ أريد أن أحدد هدفي لأبدأ في السعي إليه. والله العظيم أنا شبه ضايع. أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام قد كفل للوالدين حقوقا يحرم تضييعها، وكفل للزوجة أيضا حقوقا يجب على الزوج الوفاء بها.
ومن المعلوم أنه كثيرا ما ينشأ بين الزوجة وأهل زوجها شيء من الغيرة، فيظن أهل الزوج أن الزوجة قد أخذت ابنهم منهم، وتظن الزوجة أن الزوج يميل إلى أهله ويفضلهم عليها، فتنشأ حالة من التنافر بينهم، والزوج له دور كبير في معالجة مثل هذه الأمور، فعليه أولا بالتوازن في العلاقة بين زوجته وأهله، فحق الأهل على الزوج البر والصلة، والمعاملة الكريمة، والنفقة على الوالدين إن كان للولد مال وكان الوالدان في حاجة، وأن يصل أقاربه بالعطاء من الصدقة والزكوات إن كانوا من الفقراء.
وحق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف، وأن يوفر لها حياة هادئة بعيدة عن المنغصات. ومن ذلك أن يكون لها سكن مستقل تأمن فيه على نفسها وشؤونها، ولا يتدخل أحد في خصوصيات حياتها.
ولا يجوز لأحد من الطرفين أن يبغي على حق صاحبه.. بهذا يتبين أن ما يفعله أبوك من طلب أخذ أموالك في نهاية الشهر في حين أنك لا تملك شقة طلب غير عادل، إذا كان الأب غير محتاج لذلك المال، وكذا طلبه منك أن ترسل المال لزوجتك عن طريقه طلب عجيب، فهذا مما لا ينبغي إذ الواجب على الوالدين أن يكونوا عونا للأبناء على برهم، لا أن يكلفوهم ما يعنتهم فيعرضوهم بذلك لإثم العقوق والقطيعة.
وأيضا فكما أن لوالديك عليك حقا، فلأولادك عليك حق أيضا، وقد وصى الله بهم كما وصى بالآباء، فقال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني.
والخلاصة فإنا نجمل لك القول في كلمتين اثنتين "بر والديك واحفظ حقوق زوجك وولدك"، فإن كان الأب فقيرا بحاجة للمال فأعطه ما يكفيه ويدفع حاجته ولا تبخل عليه، فحقه عليك عظيم، وكذا إن كان غنيا، ولكن تشوّفت نفسه إلى شيء من مالك فلا ينبغي لك منعه، أما أن يتطلع الأب مع غناه لأخذ جميع مالك، فهذا لا يجوز ولا يجب عليك هذا، ولا تكون عاقا إذا منعته ولكن بأسلوب رفيق جميل
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 106306، 72209، 20715.
والله أعلم.