الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الذنوب ومدافعة الوساوس

السؤال

يا شيخ أنا والله العظيم أحب الله عز وجل وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا شيخ أنا ابتليت بموضوع الوسواس وذهبت للدكتور النفسي وأخذت علاجا ولكن بقيت فترة لا آخذ علاجا ,وكانت حالتي جيدة، يعني توجد وساوس ولكن أقاومها،أنا مبتلى ببعض الذنوب وخاصة ذنوب الخلوات أنا في هذا اليوم شاهدت أفلاما إباحية في خلوتي وفعلت العادة السرية وبعد لما انتهيت ندمت ونويت على التوبة أنا لعدة مرات أنوي ثم أرجع وأقع في الذنب ثانيا..
يا شيخ جئت بالليل وكنت قاعدا على الكمبيوتر أتصفح مجموعة فتاوى على موقع إسلامي كانت الفتاوى أغلبها تتكلم عن الحجاب وعورة المرأة ، لا أعرف وأنا أقرأ الفتاوى كيف أني دست الماوس في الصفحة لا أعرف ماذا حصل إلا أنه جاءتني وساوس بأني أكون والعياذ بالله - غلطت في حق النبي - صلى الله عليه وسلم- فداه أبى وآمي، ووسواس تقول لي ليس لك توبة، قرأت الفتاوى الخاصة بهذا الموضوع والخاصة بتوبة المرتد - والعياذ بالله..
يا شيخى اعتبرني أخاك الصغير، يا شيخ انصحني بالله عليك - أخد أدوية أخرى أو ما ذا أعمل- الأدوية النفسية تتعبنى يا شيخ بالله عليك يا أخي ادع لي أن ربنا يرضى عني ..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

اعلم أيها السائل أن الذنوب والمعاصي هي سبب البلاء في الدين والدنيا, فليس شيء أخطر على مصالح المرء الدينية والدنيوية من الذنوب.

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي: ومنها ( ثمرات المعاصي ) تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسراً عليه, وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا, فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا, ويالله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لايعلم من أين أتى. انتهى.

واعلم رحمك الله أن الحسنات والسيئات آخذ بعضها برقاب بعض, وقد يكون من عقوبة السيئة أن يبتلى الإنسان بسيئة أخرى ثم هكذا تتابع السيئات حتى يطبع على قلب العبد والعياذ بالله كما قال الله سبحانه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {المطففين : 14}.

فبادر رحمك الله إلى التخلص من هذه الذنوب فإنها بئست البضاعة ولا يزال العبد يأتيه من ثمراتها النكدة وحصادها المر ما تضطرب به أموره وتفسد به أحواله.

وقد يكون ما ابتليت به من الوساوس والقلق بسبب ما ذكرت من مشاهدة هذه الأفلام الخليعة وما يتبعها من العادة السرية وغير ذلك من المحرمات, فكل بلاء ينزل بالعبد إنما يكون بسبب ذنوبه ومعاصيه.

كما قال الله سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ{الشورى: 30} فعليك أخي بالتوبة إلى الله جل وعلا مما كان منك من معاص, ووطن نفسك بعد التوبة على البلاء فإن البلاء سنة الله في خلقه, ليتبين الصادق من الكاذب فإذا ابتليت بشيء من هذه القاذورات وزينها لك الشيطان وأغراك بالوقوع فيها, فالزم – حينئذ - الصبر ولا تنزلق مرة أخرى في مهاوي الشيطان ومهالكه , لتكن عدتك على ذلك الصلاة وكثرة ذكر الله, فبالصبر والصلاة يحقق المرء مطلوبه وينال مراده.

كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة : 153}.

وأما ما ابتليت به من الوساوس فاعلم أن أنجع وأعظم علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله تعالى، وكثرة ذكره، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها أو الاسترسال معها، ومخالفة ما تدعو إليه وتقتضيه، ولا مانع أيضا مع ذلك من مراجعة الطبيب المعالج مرة أخرى, وتطلب منه بعض الأدوية التي لا تسبب لك إرهاقا ولا تعبا , فهذا متوفر بفضل الله , ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات بالشبكة بحالتك, وستجد لديهم إن شاء الله ما تريد من نصح وتوجيه، ثم نوصيك بالصحبة الصالحة التي تعينك على ذكر الله وأداء الصلاة في جماعة وتلاوة القرآن وغير ذلك من الطاعات.

وفي النهاية نذكرك وأنت على أبواب الزواج أن الزواج نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه على عباده , فاحرص كل الحرص على أن تبدأ حياتك الزوجية بتقوى الله وطاعته, وإياك أن يستدرجك الشيطان لما يحدث في حفل الزواج من لهو محرم ومعازف واختلاط وتبرج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني