السؤال
أنا شاب أخاف الله كثيرا، وأتقي الله في كل أمور الدنيا، والحمد لله ذو أخلاق وتربية، لكن مشكلتي أني أضطر رغما عني لترك الصلاة، لما أنوي الصلاة أعاني كثيرا من الاحتلام، لكن لما أترك الصلاة لا أحتلم أبدا مهما طالت المدة. لا أتوقف عن المحاولة والتكرار والرجوع للصلاة لكن نفس المشكلة...
أحاول جاهدا التقرب من الله وطاعته وعدم الاستسلام، لكن لما أستحضر الحديث الشريف حول التقرب من الله: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تقرب إلى الله عز وجل شبراً تقرب إليه ذراعاً، ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب الله إليه باعاً، ومن جاءه يمشي أتاه مهرولا والله أعز وأجل. والله أعز وأجل.
أجد أنه لا ينطبق علي، فأموت من الحزن والحسرة على نفسي وعلى حظي.
بدأت أكره نفسي، وقنطت من الدنيا، وأظن أني غير محظوظ حتى مع الله.
أعرف أن الله خلق الإنس والجن للعبادة، لكن هل يمكن أن لا يريد الله أن يعبده أحد فيعسر عليه .
أرجوكم ساعدوني وادعو لي بأن يثبتني الله، ويعينني على حسن عبادته.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فترك الصلاة من أكبر الكبائر، وأعظم الموبقات بل هو كفر عند طائفة من أهل العلم. وما ذكرته من أنك كلما صليت احتلمت، وإذا لم تصل لم تحتلم لا يصلح عذرا تسوغ به لنفسك ترك الصلاة، وما هي المشكلة في أن تحتلم! وقد بين الله عز وجل الواجب على من أصابته جنابة وهو أن يغتسل، فإذا احتلمت فلا تبعة عليك لأنه أمر خارج عن إرادتك، وقد يكون كثرة الاحتلام إذا صليت من الشيطان فيريك في نومك الصور التي تؤدي إلى حدوث هذا لتثبيطك عن الصلاة، وتكسيلك عن العبادة، وأما زعمك أنك كلما حاولت التقرب من الله لم تستطع، وأن قول الله تعالى في الحديث القدسي: ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ... الحديث. لا ينطبق عليك فزعم باطل بلا شك؛ لأن الله عز وجل أصدق قيلا، والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، فنحن نقطع ونجزم أنك لم تحاول بصدق ولم تجاهد نفسك المجاهدة المشروعة لتحصيل مرضاة الله عز وجل، ولو فعلت لكان توفيق الله لك أقرب مما تظن كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.
وأما أن يكون الله يعسر العبادة على بعض خلقه؛ فإنما يحدث هذا مع من آثر الضلالة واتبع الهوى وأقبل على شهواته وتعدى حدود ربه عز وجل، فهذا يزيده الله ضلالا على ضلاله، وغيا على غيه، كما قال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {الصف:5}.
وأما من أقبل على ربه بإخلاص وصدق، وكانت له إرادة صالحة وعزم صحيح، وحرص على اتباع الشرع فحقق شرطي قبول العمل وهما الإخلاص والمتابعة، فإن الله لا يخيب من هذا حاله.
فعليك أخي أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن تحافظ على الصلوات في أوقاتها، وتقلع عما أنت مقيم عليه من الذنوب، فإنك إن فعلت صحبك التوفيق في دنياك وآخرتك، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39074، 3830، 6061.
والله أعلم.