السؤال
زوجي اقترض مبلغا لبناء منزل لأسرته لتزويج اثنين من إخوته الذكور لأن منزلهم قديم، ومن قبل قام بعمل قرض آخر لتزويج أختين لأنه العائل لهم بعد وفاة والده وهو الآن يسدده من راتبه وهم يمتلكون قطعة أرض تابعة للمباني وسعرها الآن عال، ولكن من يتقدم لشرائها يريدها رخيصة وأنا أقول لزوجي بع جزءا منها وسدد ديونك يرفض اقتراحي له ويعتبرها خسارة وأنا أخاف من سوء عاقبة القروض لأنه هو الذي سيتحملها وحده وهم ينعمون في حياتهم بلا أدني مشاكل فأرجو من فضيلتكم التوجه بالنصح له مع الأخذ في الاعتبار أنه قال لي بعد بيع الأرض سوف أعطي كل واحد من عائلتي حقه وأسأله عن ما تحمله من بناء المسكن لهم فهم فيه شركاء لا يبالي لكلامي وعندنا بنتان لهما متطلبات كثيره فأرجو من سيادتكم النصح له هل ما يفعله لهم هذا بحق وماذا يفعل عند بيع الأرض وهل بيعها الآن بخسارة لهم جميعا أفضل من وزر القرض له وحده، فأفيدوني يرحمكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما أقدم عليه زوجك من أخذ القروض إن كانت ربوية لغير ضرورة معتبرة شرعاً يعد من كبائر الذنوب، وقد ورد فيه الوعيد الشديد، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}.
وقال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن، قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم إلا بحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. رواه البخاري ومسلم.
فيجب على زوجك أن يتوب إلى الله من هذا الذنب العظيم، ولا يلزمه تسديد فوائد القرض بل يحرم عليه ذلك، لقوله تعالى: وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}، فإن أجبر على دفعها فلا حرج عليه حينئذ، ولا يجب الإسراع بقضاء القروض قبل أجلها إلا إذا قبل البنك إعفاءه من سداد الفوائد مقابل ذلك، وعلى هذا يكون بيعه ما يملك من الأرض ولو برخص ليتخلص من الربا خير له، وإذا كان تعجيل القضاء لا يترتب عليه إسقاط الفوائد كان تعجيل سداد القرض قبل حلوله إعانة على الإثم بتوفير السيولة للبنك ليقرضها من جديد بالربا، وقد حرم الله الإعانة على الإثم، فقال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وإذا كانت القروض التي أخذها غير ربوية فيلزمه سدادها عند حلول أجلها، ولا يلزمه سدادها قبله.
أما ما طلبت من نصح زوجك فإنا ننصحه بالبعد تمام البعد عن أخذ القروض الربوية وعن الجرأة على أخذ الدين، وأن يعلم أن حق بناته آكد من حق إخوته وإن كان الإخوة ممن تجب نفقتهم عليه لحاجتهم إلا أنه عند تزاحم الحقوق يقدم الأحق فالأحق، وعليه أن يتذكر قول الله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا {النساء:9}. وللأهمية في الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13024، 14049، 32226، 60982.
والله أعلم.