السؤال
أنا شاب ملتزم، أعمل كمهندس، أبحث عن زوجة صالحة، تعينني بفضل الله على طاعته، وتعفني، وتحفظني في نفسها ومالي، دلني أحد الإخوة على إحدى الفتيات في قرية نائية، فبعد الاستخارة ذهبت لرؤيتها، فوجدت ما يلي:
فيما يخصها هي: تصلي، تقرأ من القرآن، جميلة وحسناء، لم تدرس سوى أربع سنوات من الدراسة النظامية، ثم أخرجها والدها، ولا دروس في قريتهم، ولا تلفاز، ولا كهرباء.
فيما يخص أسرتها: على الفطرة، رغم بعض الاختلاط، بعيدة عن المدينة، وهي أسرة فقيرة، من خلال كلامهم يحبون الدين، ويحبون أهل الصلاح، ويكرهون التصوف، ومظاهر الشرك، لهم بيت متواضع.
ما أخشاه: أخشى أني أجدها أمية، فيجب أن أقوم بتعليمها الحروف والدين، رغم أنهم أخبروني أنها تقرأ من القرآن.
أخشى أيضا من جانب العلم عندها، ومن فارق المعرفة بيننا، فيجب القيام بمجهود كبير لإصلاحه.
فهل أقوم بالخطوة القادمة، وهي أن آتي بوالدتي لكي تراها عن قرب؛ لتبدي لي رأيها فيها.
فأرجو منكم النصيحة؟ جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الشرع بالزواج من ذات الدين، وحث النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك فقال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
جاء في فتح الباري: قوله: (فاظفر بذات الدين) في حديث جابر: (فعليك بذات الدين)، والمعنى أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء، لا سيما فيما تطول صحبته، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية. انتهى.
فإن كانت هذه الفتاة صاحبة دين وخلق، فإنا ننصحك بالزواج بها، وأما ما تتوجس منه من كونها أمية، أو ضعيفة في المستوى العلمي، فالأمر في هذا هين، ويمكنك أن تقوم معها بدور في ذلك بعد الزواج، فتعلمها، وتؤدبها، وتساعدها على الارتقاء بنفسها في شؤون الدين والدنيا، فتستحق بذلك عظيم الأجر والمثوبة من الله سبحانه.
وأما إن كنت تشعر أن أميتها، أو ضعف مستواها التعليمي سيسبب لك نوعا من التعثر، أو الضيق، والحرج، وقد يجرك إلى ظلمها، أو الإساءة إليها، فننصحك إذًا بالإنصراف عنها، والبحث عمن تناسبك في ذلك، فإنه لا حرج على الإنسان أن يطلب في المرأة أمرا من أمور الدنيا، كالنسب، أو الجمال، أو المال.
وقد جاء في السنة ما يدل على مشروعية ذلك، فقد حثت السنة على نكاح البكر، ونكاح الولود، وفي صحيح مسلم أيضا أن فاطمة بنت قيس طلقت، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإذا حللت فآذنيني، قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما أبو جهم؛ فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية؛ فصعلوك لا مال له. أنكحي أسامة بن زيد.
فعلل -صلى الله عليه وسلم- رفضه لمعاوية بأنه لا مال له، وعلل رفضه لأبي جهم بأنه شديد الطباع، كثير الضرب للنساء، فكل هذه أمور زائدة على الدين، ولا مانع من اعتبارها، والنظر إليها بشرط ألا تكون هي الأساس، بل تكون مع الدين من باب التتمة والتكميل، أما لو تعارضت مع الدين، فإنه لا شك في تقديم صاحب الدين حينئذ.
والله أعلم.