الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسوسة التي لا تستقر في القلب لا تخدش الإيمان

السؤال

أرجو منكم أن تفيدوني وتنفعوني نفعكم الله مما أعانيه في حياتي الشاقة بسبب هذا المرض اللعين الوسواس القهري شفاني الله منه إن شاء الله . أنا امرأة مسلمة ومتدينة بفضل الله تعالى، عمري 41 سنة، أعاني من هذا المرض اللعين منذ أكثر من 12 سنة، بدأت بوساوس التنظيف وتعافيت منها في الآونة الأخيرة، لكن للأسف ظهرت لي وساوس أخرى وهي الكفر والعياذ بالله، وعبارات الشرك، لكني أكيد أني لا أقصدها لكن الأفكار تستحوذ ذهني ومخيلتي، وكأن صوتا أو شيئا يتحكم في رأسي، لكني لا أستسلم لها وأقاومها، وأنطق بالشهادتين وأكثر من الاستغفار طوال النهار . وفوق كل هذا وما يعذبني أن الله سيغضب علي ويحولني إلى حيوان مما يراودني الشك أني تحولت إلى وجه قط أو حيوان آخر وطوال النهار أنظر إلى المرآة وأتاكد، وهذا الشيء حطم حياتي وعقلي . مما جعلني أن لا أنام في الليل من كثرة الوساوس وأقاوم الكفر. مرة في النهار لم أقاوم الكفر واستسلمت إلى كلمات الشرك التي تأتي في ذهني بعدها اغتسلت ونطقت بالشهادتين. زوجي يحبني كثيرا ويتفهم حالتي، وهذا أيضا فضل من الله أن عطاني مثل هذا الزوج جزاه الله ألف خير، يقوم بواجبات المنزل بدل عني لأن الوساوس والتخيلات قد حطمت حياتي. إني أتعالج عند طبيبة نفسية منذ سنوات وهي من الأقرباء وبدون جدوى . دائما أدخل بحالة من الوسواس وأخرج منها، وأدخل في وسواس ثان. يصفى دماغي كل 10 أيام دقائق فقط وأحمد الله وأشكره كثيرا على هذه اللحظة البسيطة التي أرى فيها السعادة الحمد لله على كل شيء . أغيثوني وساعدوني جزاكم الله كل خير. وسؤالي الأهم هو: ما حكم الدين في ذلك؟ بارككم الله على فعل الخير وإسعاد الناس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك ويعافيك، واعلمي أختي السائلة أن أجرك عند الله على قدر نصبك، فاصبري واحتسبي ولا تيأسي من روح الله، فإن الله تعالى ما أنزل داء إلا أنزل له دواء، وأبشري بالخير كله إن أنت رضيت بقضاء الله على كل حال، وأبصري الرحمة من خلال البلاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني. وقد سبق ذكر بعض البشارات لأهل البلاء والمصائب، وبيان الأمور المعينة على تجاوز المصائب في الفتويين رقم: 18103، 5249.

ثم اعلمي أن الله برحمته لا يؤاخذك بما يوسوس به صدرك ما لم تتكلمي أو تعملي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.

فالوسوسة التي لا تستقر في القلب بل يدفعها صاحبها ويكرهها لا تضره، بل هي دليل على إيمانه، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

واعلمي يقينا أنه لا علاج للوسواس بعد عون الله تعالى مثل الإعراض عنه تماما، وعدم الالتفات إليه مهما كان موضوعه ونوعه.

وقد سبق لنا بيان ماهية مرض الوسواس القهري وعلاجه في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 51601، 3086، 60628. فراجعيها للأهمية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني