الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اليتامى إذا أهملهم أرحامهم

السؤال

ما موقف الشرع من الجد والجدة اللذين لا يهتمان بأبناء ابنهم المتوفي، وتركاهم للأم فقط. وهل في أخذهم للميراث حكمة شرعية في أن يحنوا على أبنائه الصغار ورعايتهم، ومساعدة الأرملة في تربيتهم؟ مع العلم أنهم في نفس المدينة المسافة بينهم مدة ربع ساعة على الأكثر والجدان في صحة جيدة، وكذلك الأعمام .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأمور الخاصة بحضانة الأولاد من رعاية وتربية وقيام على شئونهم وحاجاتهم إنما تكون على الأم؛ لأن الحضانة ثابتة لها شرعا. وأما ما وراء ذلك من أمور البر والصلة والسؤال عنهم فيجب على الجد والجدة والأعمام ألا يقصروا في هذا، فإن أبناء الأبناء بمثابة الأبناء في وجوب صلتهم والإحسان إليهم، وقد وصى الله سبحانه الآباء بأبنائهم، فقال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}

قال السعدي – رحمه الله –: أي: أولادكم - يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. انتهى.

فعلى الجد والجدة أن يصلوا الأحفاد بزيارتهم والسؤال عنهم ونحو ذلك مما جرى به العرف في حد الصلة، فإن صلتهم واجبة فلا يجوز إهمالهم خصوصا بعد موت والدهم، فيجمعون عليهم بذلك مع مصيبة اليتم مرارة القطيعة والهجر، وكذا فإن الواجب على الأعمام أن يصلوا أبناء أخيهم وأن يحسنوا إليهم، ويبذلوا لهم من العون والبر ما يستطيعون، فإنهم من أرحامهم الذين تجب صلتهم، وليعلموا أن في إحسانهم إليهم أجوراً عظيمة مضاعفة، فإن فيه أجر الإحسان وصلة الرحم ورعاية اليتيم وغير ذلك، وهذه كلها أعمال صالحة ندب الله إليها عباده.

أما ما تسألين عنه من علاقة الميراث بتعاهد الجد لأحفاده فنقول: لا علاقة للميراث بهذا، فإن الله شرع المواريث وتولى تقسيمها بنفسه في محكم التنزيل لحكمة بالغة، وقد ورثت الشريعة الأب من مال ابنه لما للأب على ولده من حقوق كبيرة لا تخفى، فكما أن الشريعة قد جعلت للأب على ابنه حقوقا عظيمة حال الحياة، فقد جعلت له أيضا حقوقا في ماله بعد الوفاة، فليس ما يأخذه الأب من ميراث ابنه إذاً في مقابل اهتمامه بأولاده من بعده، فهو يستحق من ماله ولو لم يكن له أولاد، وفي المقابل فإنه يجب على الجد تعاهد أحفاده ولو لم يرث من أبيهم شيئا من المال، بل تجب عليه نفقة الأحفاد حينئذ كلها أو بعضها إذا احتاجوا للنفقة، ولم يكن لهم مال. وتراجع الفتوى رقم: 118765.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني