السؤال
دخلت إلى مطعم للفطائر لأشتري فطيرة خضار وجبن, وعندما أردت أن أطلب عرض علي صاحب المطعم أن أشتري فطيرة كان قد طلبها زبون بالخطأ, وعرض علي أن أشتريها بثلث السعر. المشكلة أن هذه الفطيرة كانت مقسومة نصفين: نصف كان فيه جبن وخضار, النصف الآخر كان جبنا وفوقه لحم خنزير.
اشتريت الفطيرة بثلث سعرها فرميت النصف الذي عليه خنزير وأكلت الجزء الآخر الحلال. فهل هذا يجوز أم أعتبر أنفقت مالي في الحرام؟
وعلى صعيد أخر هل لو أزلت قطع لحم الخنزير من النصف الحرام ثم أكلت الجبن والخبز يكون ذلك جائزا؟
أخيرا هل يجوز لو أعطيت النصف الحرام لفقير كافر في الشارع بدل أن أرميه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السائل قد ارتكب إثما بشرائه الفطيرة المشتملة على لحم خنزير، فالخنزير كما يحرم أكله يحرم شراؤه، وما حصل من السائل هو أنه اشترى لحم الخنزير الموجود على الفطيرة، وبالتالي فقد أنفق ماله في الباطل المحرم، ولا يبرر فعله هذا أن الخنزير في بعض الفطيرة دون بعضها الآخر، فالفطيرة تباع كشيء واحد، وحتى لو كانت الفطيرة منقسمة إلى قسمين منفصلين لكان شراء الحلال والحرام صفقة واحدة محرم شرعا كما لو اشترى الحرام مفردا.
وثمة أمر ثان وهو أن الخنزير نجس وسريان نجاسته إلى كل الفطيرة وارد إن لم يكن هو الواقع فعلا بفعل عملية الطباخة، وبالتالي فقد يكون السائل تناول النجاسة في الجزء الذي يقول إنه لا يوجد فيه لحم الخنزير.
والنجاسة إذا وقعت على شيء جامد يمنع من انتقال أجزاء النجاسة إليه جاز أكله إذا أزيلت النجاسة وما حولها.
أما إذا كان الجامد لا يمنع من انتقال وسريان أجزاء النجاسة إليه فيحرم تناوله لتنجسه.
جاء في المغني: وإذا وقعت النجاسة في غير الماء وكان مائعا نجس، وإن كان جامدا كالسمن الجامد أخذت النجاسة بما حولها فألقيت، والباقي طاهر: لما روت ميمونة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: ألقوها وما حولها، وكلوا سمئكم. رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن، فقال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه. أخرجه الإمام أحمد في مسنده وإسناده على شرط الصحيحين.
وحد الجامد الذي لا تسري النجاسة إلى جميعه: هو المتماسك الذي فيه قوة تمنع انتقال أجزاء النجاسة عن الموضع الذي وقعت عليه النجاسة إلى ما سواه. انتهى.
والحاصل أن السائل ارتكب خطيئة يجب التوبة منها والعزم على عدم العود لمثلها، وأما دفع الفطيرة المشتملة على لحم الخنزير أو نصفها الذي عليه لحم الخنزير إلى كافر ليأكلها فحرام أيضا لأن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، ولما في ذلك من الدلالة على الحرام والتسبب في تناوله.
والله أعلم.