السؤال
أنا امرأة متزوجة أبلغ 21سنة، أصلي -ولله الحمد- أعرف حدود الله وأخاف الله كثيرا، لذلك أنا أتعذب كثيرا، فأنا أحب الله تعالى كثيرا، لكن أحس بوساوس الشيطان- لعنه الله- وأريد أن أتغلب عليه -بإذن الله- لدرجة أنني أفضل الموت على التمادي بهذه الوساوس، وأشعر بالخوف الشديد وفقدان الأمل بالحياة، وأنا الآن أصلي الفجر دائما مع زوجي، وأحاول التغلب على هذه الأشياء التي تجعلني متشائمة من الغد.
أرجو المساعدة -إذا سمحتم- فأنا أريد أن أحس بطعم الراحة النفسية طوال حياتي وألا يتكرر ذلك الإحساس مرة أخرى -بإذن الله- فأنا أحب ربي، وأريد رضاه ورحمته، والشعور بالسعادة والاطمئنان، حتى أستطيع مواصلة حياتي بصورة طبيعية، فأنا دوما أبكي بشدة، ربما لأنني قد مررت بظروف صعبة من ظروف نفسية سيئة، إلى أن تزوجت فقلت: الحمد لله، وبالمناسبة فقد وهبني الله بأعظم زوج ولله الحمد عوضني عن الحنان الذي كنت أفتقده يا رب احفظه وأبقه لي، ومع كل هذا فأنا أحمد ربي على كل شيء، وأرجو المساعدة العاجلة وشكرا؟
وليحفظكم الله، وأرجو أن تسمحوا لي على طول هدا النص لكن أجركم على الله تعالى.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا في الفتاوى رقم: 11752، 10355، 19691، بيان كيفية التعامل مع هذه الوساوس. وخلاصة الكلام أنه ينبغي الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها، فهذا أعظم علاج لها بعد ذكر الله والاستعانة به سبحانه، والتضرع إليه أن يصرف كيد الشيطان وهمزاته.
واعلمي – أيتها السائلة - أن الفرح والسرور وقرة العين في الإقبال على الله والقيام بأوامره سبحانه، فإن الله سبحانه بحكمته وفضله قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين في طاعته وامتثال أوامره،قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97}، وقال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {طه: 123}، وجعل أضداد هذه من الهم والحزن، والضيق، واليأس، والكآبة في التفريط في الطاعة وفعل المعصية، فما يجده الإنسان من هم وغم وضيق في الصدر ونكد في العيش فإن هذا ثمرة من ثمرات المعاصي النكدة ونتاج من نتاجها المر، قال الله سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124}, وقد قال الله سبحانه: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا. {النساء: 123}، وقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به الآية وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ قال: فقلت: بلى، قال: هو ما تجزون به. انتهى.
فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه، ولكن هذا برحمة الله وفضله يكون كفارة لذنوبه.
ثم عليك بكثرة ذكر الله، وقيام الليل، والاستغفار بالأسحار، فإن لها أثرا عجيبا في نزول السكينة وحصول الأمن والطمأنينة، وعليك بقطع الوساوس وعدم الاسترسال فيها.
والله أعلم.