السؤال
أنا أعاني من السحر ومتلبس بي جن كفار، وأنا مقهورة من نفسي لأني كنت أضرب أمي بشدة، وأصرخ عليها بقسوة، وأمي كانت تعاني من مرض القلب، والسكر، والضغط، وأمراض كثيرة.
كنت أشعر بحب شديد لها، لكن كنت أضربها، ثم أغضب على نفسي، لماذا أفعل لأمي كذا؟
وأنا نادمة، وخائفة أن تكون أمي غاضبة علي، والآن أدعو لها وأتصدق عنها، وأرجو أن يرضى الله عني ثم أنال رضى أمي، وأريد أن يجمعني الله مع أمي في الجنة، والجني يقول لي: إن أمي غضبانة علي وأني سأحرم منها في الجنة، ودائما يتكلم على رب العالمين بكلام لا أستطيع كتابته، وعلى الرسول صلى الله علية وسلم، وأعاني كثيرا ولا أستطيع الصلاة ولا قراءة القرآن إلا بصعوبة. أحس كأني أجاهد.
أريد جوابا يا شيخ هل أنا علي ذنب لأني كنت أقسو على أمي مع العلم أني مسحورة، وأرجو رضى الله ثم رضى أمي ودائما أري في المنام أن أمي لم تمت وسألت مفسر أحلام وقال لي إن أمي ماتت شهيدة بإذن الله.
هل كلام الشيخ صحيح؟ أرجو الرد، لأني أعاني وتعبانة نفسيا على فراق أمي وأخاف أن لا تكون راضية عني، ولأني أحب أن يجمعني ربي مع أمي في الجنة، لاأريد أن أحرم منها مثل ما حرمت منها في الدنيا.
وهل أقدر أن أقوم لها بعمل الآن وتكون راضية عني، أتمنى أن تذكر لي الأعمال الخيرية التي أعملها لأمي من صدقة جارية لأن أمي عندها نقود كثيرة، وأتمنى أن أدفعها لها في عمل يستمر لها ثوابه حتى بعد وفاتها، وأتمنى لأمي الجنة، لأنها عانت من أمراض في الدنيا وبلاء في أولاد وبنات يعانون من السحر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحرمة عقوق الوالدين معلومة لا تجهل، ولا شك أن ضرب الأم من أعظم العقوق وأشد الإساءة، فإن كانت السائلة فعلت ذلك باختيارها وإرادتها دون تأثير من السحر فإنها حينئذ آثمة ومرتكبة لكبيرة من أعظم الكبائر، ويجب عليها أن تتوب وتستغفر وتجتهد في الصالحات لمحو هذه الموبقات.
وأما إن كانت فعلته رغما عنها بتأثير السحر فلا إثم عليها؛ وحالها يشبه حال المكره، وقد تجاوز الله سبحانه عن المكره، وهذا هو الظاهر من السؤال؛ حيث ذكرت الأخت السائلة أنها تجد مما أصابها كلاما عن الله تعالى، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تستطيع كتابته، وأنها لا تستطيع الصلاة ولا قراءة القرآن إلا بمجاهدة. والوزر في مثل هذه الحال على من عمل لها السحر. وراجعي الفتوى رقم: 59405.
ثم نذكر السائلة- الكريمة- بأن الله عز وجل هو الكافي الشافي، وأنه لا يجلب النفع إلا هو، ولا يدفع الضر إلا هو، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فعليك بحسن التوكل عليه، وصدق اللجوء إليه، وحسن الظن والاستعانة به، وعليك بالإلحاح في الدعاء وكثرة تلاوة القرآن، والذكر واستعمال الرقية الشرعية. وقد سبقت بعض الفتاوى عن معنى السحر وعلاجه، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5252 ، 5856 ، 5433 ، 24972. كما سبق في الفتوى رقم: 3352 بيان العلاج الناجع من دخول الجن بدن الإنس.
وأما تأويل رؤياها أن أمها لم تمت بأنها شهيدة، فإنه محتمل للصواب، ولكن لا نستطيع الجزم بصحته أو خطئه.
وأما ما تريدين عمله لأمك من الصدقة الجارية، فلا شك أن هذا نوع من البر والإحسان المأجور فاعله، وقد تقدمت أمثلة للصدقة الجارية عن الميت في الفتويين: 8042 ، 10668. ومن حقوق الوالدة بعد موتها غير الصدقة: الدعاء لها، وصلة رحمها، وأحبابها وأصحابها، والحج والعمرة عنها. وراجعي ما يمكنك أن تبري به أمك بعد موتها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7893، 44341، 10602.
هذا واعلمي أن ما تركته أمك من مال تجري عليه أحكام التركة، فتخرج منه الحقوق الواجبة على أمك، وتنفذ وصيتها في حدود الثلث، ثم الباقي يقسم على ورثتها جميعا، ولا يصح أن يتصرف فيها أحدهم دون البقية إلا بإذنهم.
والله أعلم.