السؤال
لقد غضبت من زوجتي يوما، وقلت لها إن مسست هذا الشيء دون إذني فأنت طالق (جهاز كمبيوتر) لكثرة استخدامها له، وهي الآن تقول إنها ستقلل من استخدامها له، وتريد أن آذن لها بذلك.. ولكن السؤال هو: وهل يمكن أن أرفع هذا القيد نهائيا بكلمة واحدة مثلا (لاحرج عليك في استخدامه) أم لا بد أن أجدد لها الإذن كل ما تريد استخدامه مرة بعد أخرى... وهل يمكن أن أجعله في سري دون أن أخبرها به (خوفا من أن ترجع مرة أخرى لكثرة استخدامه)، مع العلم بأنني أخاف أن تستخدمه مرة دون إذني نسياناً منها ونقع في المحظور، فأفيدوني بالتفصيل
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد علقت طلاق زوجتك على استخدام الجهاز المذكور بدون إذنك، ويكفيك في رفع الحرج عن زوجتك والتحلل من يمينك أن تأذن لها في استخدام الجهاز مطلقاً، وتسلم من وقوع الطلاق إذ لم تنو أنك لا بد أن تأذن لها كل مرة عند بداية أي استخدام، فإن نويت ذلك فلا تسلم من وقوع الطلاق إلا إذا أذنت لها كل مرة قبل استعمال الجهاز... ولا بد من التصريح بالإذن لها في استعمال الجهاز المذكور وعلمها بذلك الإذن، ولا يكفي أن تنوي ذلك في قلبك، فهذا هو الذي يدل عليه كلام بعض أهل العلم.
قال الدسوقي المالكي في حاشيته: حاصله أنه إذا حلف لا خرجت أو لا فعلت كذا إلا بإذني فإنه يحنث بخروجها بغير إذنه، سواء علم بخروجها ولم يمنعها أو لم يعلم بخروجها، أما حنثه إذا لم يعلم بخروجها فظاهر، وأما حنثه إذا علم بخروجها ولم يمنعها فلأن علمه بخروجها وعدم منعها منه ليس إذناً في الخروج فلا بد من الإذن الصريح، ولا يكفي العلم، لأن الإذن هنا في جانب البر، والبر يحتاط فيه، فلذا كان العلم بخروجها غير كاف فيه، ولا بد فيه من الإذن الصريح. انتهى.
وفي القواعد لابن رجب الحنبلي: ومنها لو قال لزوجته: إن خرجت بغير إذني فأنت طالق ثم أذن لها ولم تعلم بإذنه فخرجت فهل تطلق؟ فيه وجهان: وأشهرهما -هو المنصوص- أنها تطلق لأن المحلوف عليه قد وجد وهو خروجها على وجه المشاقة والمخالفة فإنها أقدمت على ذلك، ولأن الإذن هنا إباحة بعد حظر فلا يثبت في حقها بدون علمها كإباحة الشرع. انتهى.
وفي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي: كما لو أذن لها وهي نائمة أو غائبة لم تسمع فخرجت حنث، وقال بعضهم: هذا قول أبي حنيفة ومحمد.. أما على قول أبي يوسف وزفر يكون إذناً، وقال بعضهم: الإذن يصح بدون العلم والسماع في قولهم، وإنما الخلاف بينهم في الأمر على قول أبي حنيفة ومحمد ولا يثبت الأمر بدون العلم والسماع، والصحيح أن على قولهما لا يكون الإذن إلا بالسماع، لأن الإذن إيقاع الخبر في الإذن وذلك لا يكون إلا بالسماع. انتهى.
والله أعلم.