السؤال
نزول الوحي، أو حينما يقول تعالى: وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت فألقيه في اليم .
وكذلك حين يقول: وأوحينا إلى مريم أن هزي .
أليس هذا من علامات النبوة لبعض النساء اللاتي فضلهن الله تعالى ?
نزول الوحي، أو حينما يقول تعالى: وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت فألقيه في اليم .
وكذلك حين يقول: وأوحينا إلى مريم أن هزي .
أليس هذا من علامات النبوة لبعض النساء اللاتي فضلهن الله تعالى ?
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجماهير أهل العلم على أن النبوة مختصة بالرجال وأن الله لم يبعث نبيا من النساء، وما ذكرته في سؤالك من قوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. {القصص:7}. لا يدل على نبوة أم موسى على نبينا وعليه السلام، فليس كل من أوحى الله إليه شيئًا يكون نبيًا، فالوحي في اللغة: هو الإعلام السريع الخفي. ويطلق الوحي على الإلهام الفطري للإنسان وهو المقصود في الآية هنا.
وكذلك في قوله تعالى: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ. {المائدة:111}. والحواريون هؤلاء ليسوا أنبياء وإنما ألهمهم الله بما أراده منهم كما ألهم أم موسى.
ويطلق الوحي أيضا على الإلهام الغريزي للحيوان كالوحي إلى النحل، قال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا. {النحل: 68}. وكذلك قد يكون وحي الله إلى أم موسى إنّما وقع منامًا، وهذا يقع لغير الأنبياء. وعلى هذا فلا دلالة في الآية على نبوة أم موسى.
وأما مريم- رضي الله عنها- فلا توجد آية فيها: وأوحينا إلى مريم كما ذكرت في سؤالك، وإنما من الآيات التي ذكرها من يقول بأن مريم نبية قوله تعالى: فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا {مريم: 17-19} فقالوا: أرسل جبريل إلى مريم فخاطبها فهذا يدل على نبوتها، والجواب عن هذا: بأنه ليس كل من خاطبته الملائكة فهو نبي، فقد كلمت الملائكة غير الأنبياء ففي الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا، قَالَ: لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ.
وكذلك قصة الثلاثة نفر: الأقرع، والأبرص، والأعمى التي في الصحيحين وفيها مخاطبة الملك لهم وهي معروفة، وقد جاء جبريل يعلم الصحابة أمر دينهم بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يشاهدونه ويسمعونه.
وراجع لمزيد الفائدة فتاوانا التالية أرقامها: 18203، 16614، 31788، 57093.
وننبه السائل -وفقه الله- إلى ضرورة التثبت عند كتابة الآيات القرآنية حتى لا ينسب إلى القرآن ما ليس منه والله الموفق.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني