السؤال
إن عبدالله بن مسعود قال للرجل الذي قال هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ويقصد بذلك الرسول، عندما أعطى بعض الناس من الغنائم، لعله في غزوة أحد ولم يعط الآخرين قال له ابن مسعود: والله لأخبرن رسول الله بهذا. فما الضابط لنقل الكلام؟ وهل يعد هذا من الفتنة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناساً في القسمة، فأعطي الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناساً من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله. فقلت: والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته فقال: فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله، رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر. رواه البخاري ومسلم.
وكلام ابن مسعود هذا ليس من باب النميمة المحرمة، بل هي من باب درء المفاسد، قال ابن علان في دليل الفالحين: قوله (لأخبرن رسول الله) ليحذر منه وليعلم ما أخفاه من حاله، وليس هذا من باب نقل المجالس وهي بالأمانة، لأن ذاك في غير نحو هذا، أما هذا فمن النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين. انتهى.
وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام: النميمة إذا اقتضى تركها مفسدة تتعلق بالغير أو فعلها مصلحة يستضر الغير بتركها لم تكن ممنوعة... ولو أن شخصاً اطلع من آخر على قول يقتضي إيقاع ضرر بإنسان، فإذا نقل إليه ذلك القول احترز عن ذلك الضرر لوجب ذكره له. انتهى. ونقل ذلك الشوكاني في نيل الأوطار وأقره، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 117695.. أن النميمة وإن كانت حراما بلا خلاف، إلا أنه لو تضمن نقل الكلام وإفشاؤه حصول مصلحة أو دفع ضرر عن بعض المسلمين لا يمكن دفعه إلا بذلك، فإن النميمة حينئذ لا تكون محرمة، وانظر الفائدة في الفتوى رقم: 46214.
والله أعلم.