السؤال
أعمل مهندسا بإحدى الشركات العالمية، وأنا دائم السفر خارج البلاد بحكم طبيعة العمل، تاركا زوجتي وأولادي وبالطبع يزداد الدخل بالسفر للخارج ولكن ما يؤلمني هو تركي لأولادي وزوجتي طلبا للرزق. فسؤالي هو هل إذا دعوت: اللهم اجعل رزقي جنب بابي ووسع لي فيه وبارك لي فيه، معناه أني أرفض الرزق الوفير الذي يأتيني من السفر أم ماذا؟ علما بأن الفرص في الشركة داخل بلدي محدودة إذا طلبت الاستقرار في بلدي فسوف يكون في مدينة أخرى غير مدينتي مما يتعذر علي أن انتقل بأسرتي إليها. أي أن الاستقرار داخل بلدي معناه السفر إلى مدينة أخرى تاركا أولادي وزوجتي أيضا والرزق فيها لا يقارن بالسفر لخارج البلاد أفيدونا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الدعاء المذكور لا يعني رفض الرزق الوفير، بل يعني تيسير تحصيل الرزق من دون حاجة لسفر إلى الأماكن البعيدة، والله تعالى قد كتب للعبد رزقه وأجله وهو قادر على تيسيره له وإعطائه إياه دون عناء وسفر. وقد شرع الدعاء وعلو الهمة فيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه. رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وكان ابن عباس يقول في الدعاء عند شرب زمزم: اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا...
فيمكنك الدعاء بهذا الدعاء، وأن تتمنى على الله أن يوفر لك ما تحتاجه، ويوسع عليك، ويعطيك الرزق الوفير من دون سفر، فأحسن الظن بالله، ووسع نيتك عند الدعاء.
ثم إن السفر للتكسب مشروع إن لم يترتب عليه محرم، فإذا كان ميدان العمل مباحا، ولم يكن الغياب عن الزوجة أكثر من ستة أشهر بدون إذنها فلا حرج في السفر للتكسب، ويدل لهذا قوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15} وقوله تعالى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ {المزمل: 20}
وإذا أدى السفر لضياع دين وأخلاق الأولاد فيتعين تركه والبحث عن عمل قريب لأن حفظ الموجود أولى من طلب المفقود.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على المزيد فيما ذكرنا: 63823 ، 75707 ، 48585.
والله أعلم.