السؤال
أفتني في أمري. أمي على قدر كبير من الالتزام والصلاح، ولكن بسبب مشاكل عائلية يصعب شرحها كانت تحتاج إلى مبلغ من المال لحل مشكل قض مضجعنا جميعا، فطلبت مني أن أقترض لها مبلغا من المال من البنك، ووعدتني أن ترد لي المبلغ بجميع فوائده، كأنها هي من أخذت القرض وليس أنا، فأنا مجرد وسيلة حسب رأيها، ووافقت فدعت لي كثيرا. سؤالي: هل إذا أعادت لي المبلغ زائد الفوائد التي اقتطعت لي أكون قد اشتركت في الإثم؟ أم آخذ المبلغ الأصلي ولا أطالبها بالفوائد المقتطعة كي لا أكون آثما؟ مع العلم أني وافقت بعد إلحاح كبير منها، وبعد أن كثرت المشاكل في بيتنا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الاقتراض بالربا محرم لا يجوز الإقدام عليه إلا لضرورة لا يمكن دفعها إلا به، لقول الله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا. { التغابن: 16}. وقوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة 173}، وحد الضرورة هو: ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة تقدر بقدرها، وحيث زالت الضرورة فلا يجوز التعامل بالربا ويرجع الأمر إلى أصله وهو التحريم القاطع. وراجع الفتوى رقم : 6501.
وأما بالنسبة لك أيها السائل فإن طلب أمك منك الربا لا يبيحه لك، لأن بر الوالدين شرطه أن يكون في المباح ،أما إذا أمرا بممنوع فلا طاعة لهما فيه ، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف. وأنه قال :لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وراجع الفتوى رقم:96064.
ولست في هذا الاقتراض مجرد وسيلة، بل أنت المقترض حقيقة من البنك، فالبنك سيطالبك أنت بالدين، ولن يطالب أمك، ولو فرض أن ما قلته صحيح فلا يحل لك أن تكون وسيلة في الحرام.
وعليه، فإن كنت لم تقم بالاقتراض فالواجب عليك أن لا تفعل، وإن كنت اقترضت وأقرضته بعد ذلك لوالدتك فلا يحل لك أن تأخذ منها إلا ما دفعته إليها، وإلا كنت أنت والبنك الربوي سواء في أكل الربا.
والله أعلم.