السؤال
ذهبت أصلي في مسجد بالقرب منا وهناك رجل يقول إنه إمام المسجد فدخلت أصلي ولكن كنت متأخرا عن تكبيرة الإحرام ولما دخلت وجدت طفلا بجوار أبيه ووقفت بجوار الطفل ووقف بجانبي إمام المسجد وبعد الصلاة تكلم معي بصوت عال أنني سبب في بطلان صلاته وصلاتي لأن بجواري طفلا صغيرا والطفل الصغير يبطل صلاة من بجانبه، فقلت له إني ذهبت بعد تكبيرة الإحرام ووجدت الطفل بجوار أبيه فخفت أن أبعد الطفل عن أبيه حتي لا يحصل له مكروه بالخارج، فقال لي أنت من المنافقين واستدل بآية: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.. فأرجو منكم الإفادة وأرجو منكم الرد على سؤالي وعدم وضع روابط لفتاوى أخرى مماثلة؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا الصبي مميزاً، فإن وقوفه في الصف مشروع عند كثير من أهل العلم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 8648.
وأما إن كان هذا الصبي غير مميز كما هو الظاهر، فلا يُشرع أن يقام في الصف، ومن صف معه بمفرده كان منفرداً خلف الصف، وانظر لذلك الفتوى رقم: 117696.
ولكن وقوفه في الصف لا يبطل الصلاة ولا نعلم أحداً من العلماء أبطل الصلاة بوقوف الصبي غير المميز في الصف، وهل يقطع الصبي المميز الصف؟ قال العلامة العثيمين رحمه الله: فلا يعتبر وقوف هذا الطفل قاطعاً للصف، لأن مسافته قصيرة فلا يكون قاطعاً للصف، لكن ينبغي لأولياء الأمور ألا يأتوا بمثل هذا الطفل الصغير لأنه يشغل المصلين، فإما أن يعبث حال وجوده في الصف فيشغل من حوله، وإما ألا يعبث ولكن يشغل ولي أمره.
نعم، إن دعت الضرورة إلى ذلك ألا يكون في البيت أحد مع هذا الطفل الصغير أو ليس معه إلا أطفال لا يعتمد الإنسان على حفظهم له ويخشى وليه أن يعبث هذا الطفل بنار أو غيرها فهذه ضرورة لا بأس أن يحضره ولكن عليه أن يكف أذاه عن المصلين. انتهى.
وبما ذكرناه يتبين لك أن ما قاله هذا الإمام من بطلان صلاتك أنت وأولى صلاته هو بسبب الاصطفاف مع الصبي خطأ ظاهر، وقد أخطأ مرتين:
الأولى: بإنكاره عليك ما ليس بمنكر، وزعمه بطلان الصلاة بلا موجب لبطلانها.
الثانية: سبه لك ورميه لك بالنفاق وهذا أمر شديد، يجب أن يتنزه منه عوام المسلمين، فضلاً عن من ينتسبون إلى العلم وإمامة الناس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه، وقال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}، وانظر لذلك الفتوى رقم: 116698.
فالواجب على هذا الإمام التوبة إلى الله عز وجل مما اقترفه من الإثم، وننصحك أن تعفو عنه، وتتغاضى عن إساءته، فقد قال الله عز وجل: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
والله أعلم.