السؤال
قدم شاب لخطبتي، شاب لديه من الدين والأخلاق ما يفتقده الكثير من شبابنا، يصلي فرضه ويقوم ليله، ويقرأ القران وبار بوالديه برا قل مثيله وهو زميلي في العمل، ويتمتع بذكاء عال، ولكن والده يعاني من مرض البهاق، بعد أن علم والدي هذه المعلومة أصر إصرارا تاما على عدم تزويجي به، وأنا أتمنى أن يكون هذا الرجل زوجا لي، والآن يقوم الشاب بمعالجة والده ولكن والدي مصر على رأيه لا يقبل النقاش فيه، وأنا أدعو ربي أن يكتب الشفاء لوالده وأن يجعله من نصيبي.
هل بهذا الدعاء أكون آثمة بعد إصرار والدي الشديد على رفضه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا إثم عليك في دعائك المذكور، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ. رواه مسلم.
ودعاؤك ليس فيه إثم أو قطيعة رحم بل هو طلب من الله أن يشفي مسلما، وأن يرقق قلب والدك عليك فيجعل هذا الشاب الصالح من نصيبك، فدعاؤك موافق لما حث الشرع عليه فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عريض، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ، قَالَ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. رواه الترمذي وحسنه، وحسنه الألباني.
قال المباركفوري في شرح الترمذي: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ. أَيْ شَيْءٌ مِنْ قِلَّةِ الْمَالِ أَوْ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ. اهـ.
وإصرار والدك على الرفض وإن كان له ما يبرره لا يمنعك من الدعاء، فإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما ورد عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: لَنْ يَنْفَعَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ عِبَادَ اللَّهِ. رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني.
ونوصيك بطاعة والدك والكلام معه برفق، ومحاولة إقناعه ومناقشته بأدب، وإن ظننت أن إظهار هذا الدعاء سيضايق والدك فلا بأس بالدعاء في السر في صلواتك وأوقات الإجابة.
ونسأل الله أن ييسر لك الخير، وأن يرزقك الزوج الصالح، واعلمي أن طاعة الوالدين من أهم أمور الدين كما بينا في الفتوى رقم: 3109.
والله أعلم.